
صحيفة النهار:
وساطة ساترفيلد تتقدَّم نحو المفاوضات الرباعيَّة
وسط الاستعدادات الجارية لانجاز المرحلة النهائية من اقرار موازنة 2019 في مجلس النواب، قفزت أمس الى واجهة المشهد الداخلي الوساطة التي يتولاها مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد بين لبنان واسرائيل في ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية الجنوبية. واتّخذت الجولة الجديدة التي قام بها ساترفيلد على المسؤولين اللبنانيين دلالات واضحة حيال تقدم مهمته المكوكية بين لبنان واسرائيل، وسط معلومات تؤكد انه نقل الى بيروت موافقة اسرائيل على إطار الوساطة الذي اقترحه لبنان من خلال وساطة الولايات المتحدة ورعاية الأمم المتحدة لمفاوضات الترسيم.
واسترعى الانتباه ان ساترفيلد أضاف الى جدول لقاءاته أمس قائد الجيش العماد جوزف عون بما يعني ان تفاصيل لوجستية تتصل بالمفاوضات المحتملة في شأن الترسيم بدأت تطرح في الاتصالات التمهيدية.
والتقى ساترفيلد في هذا الإطار رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا، في حضور وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، وتشاور معه في الاتصالات القائمة في شأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، في ضوء المساعي الأميركية لتوفير المناخات الملائمة للبدء بهذه العملية. واطلعه على ما تحقق حتى الآن من الاتصالات التي أجراها، والتي سوف تستمر في الايام المقبلة.
والتقى أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حيث أفادت مصادر الرئاسة الثانية أن الديبلوماسي الأميركي "لا يزال يسجل تقدماً في حاجة الى خطوات اخرى في اطار هذه المساعي".
كذلك أعلم رئيس الوزراء سعد الحريري الذي التقاه في السرايا الحكومية، انه "مستمر في مهمته للتوصل الى اتفاق لإطلاق محادثات ترسيم الحدود البحرية".
وكان اجتمع بوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في قصر بسترس. وأوضحت مصادر الخارجية "ان ساترفيلد نقل الى لبنان الجواب الاسرائيلي وفقاً للطرح اللبناني الدي تقدم به رئيس الجمهورية ميشال عون في موضوع المفاوضات في شأن ترسيم الحدود البحرية والبرية. والجو كان ايجابياً ولبنان تبلغ الموقف الاسرائيلي وفقاً لطرحه في هذا الصدد".
ثم زار مساء العماد جوزف عون في قيادة الجيش باليرزة.
وقال الرئيس نبيه بري أمام زواره عن اجتماعه وساترفيلد إن "الامور تسير نحو الايجابية. ولا يمكننا في الوقت نفسه القول إن الاتجاهات النهائية قد حسمت حيال عملية الترسيم والتحضير للمفاوضات". وأوضح أن "جملة من النقاط تحتاج الى مزيد من البحث والتدقيق وننتظر الردود عليها عبر السفير ساترفيلد. وأبلغني انه سيتصل بالاسرائيليين في هذا الخصوص هاتفياً أو سيزور تل أبيب".
وسئل لما ذا حصل هذا التقدم من الطرف الاسرائيلي، فأجاب بري: "أولاً جرى الاتفاق من كل الاطراف على ربط الترسيم من البر والبحر في شكل متلازم على عكس ما كان يطرح الاسرائيلي ومن دون أي تجزئة بينهما. وان نقطة الخلاف الباقية مع الاسرائيلي هي انه يريد وضع سقف زمني لهذه المفاوضات يمتد على مدار ستة أشهر. ونحن من جهتنا نريدها مفتوحة ومن دون وضع سقف لهذه المفاوضات. وعلينا ان نحذر هنا من المماطلة الاسرائيلية. ونحن في النهاية أصحاب حق لن نفرط به. وهذه الثروات هي ملك الاجيال اللبنانية المقبلة".
وشدد على ان "ثبات الموقف اللبناني اوصله الى هذه الحصيلة. وان شركات النفط في النهاية لن تقدم على الاستثمار في الجزء المحتل من الاراضي الفلسطينية قبل تأكدها من ان الجزء اللبناني قد جرى ترتيب آباره. وتعرف اسرائيل جيداً حقيقة هذا الموضوع".
ونفى بري ان يكون تطرق وساترفيلد إلى ربط سلاح المقاومة ونزعه توازاناً مع قبول اسرائيل بترسيم الحدود البرية والبحرية، قائلاً: "هذا الامر لن يطرح وأنا في النهاية أبو المقاومة".
ولن يشمل الترسيم عند الحدود البرية مزارع شبعا المحتلة لأنها مرتبطة بالقرار 1701.
ومن المقرر ان تعقد الاجتماعات في الناقورة ولا يعترض الاسرائيلي على هذه المسألة وستكون في رعاية الامم المتحدة وتحت علمها وهي التي ستشرف على توقيع المحاضر النهائية وسيوقعها كل الاطراف: اللبناني والاسرائيلي والوسيط الاميركي والامم المتحدة.
وفي حال تلقي الجانب اللبناني الرد النهائي من الجانب الاسرائيلي عبر ساترفيلد، سيكلّف وفد عسكري ولا مانع هنا من استعانته بخبراء في حقلي الترسيم والنفط والغاز.
وأفادت معلومات أخرى ان ساترفيلد طرح على الجانب اللبناني اقتراحاً اسرائيلياً لتحويل اللجنة العسكرية الثلاثية في الناقورة الى لجنة عسكرية - ديبلوماسية تضم شخصيات ديبلوماسية الى جانب الضباط من اجل بدء البحث في ترسيم الحدود البرية والبحرية، وتريث المسؤولون اللبنانيون في الرد على هذا الطرح.
الموازنة واصداء دولية
أما في الاستحقاقات النيابية المقبلة، فوقّع أمس الرئيس ميشال عون مرسوماً ينص على دعوة مجلس النواب الى عقد استثنائي يفتتح في تاريخ 1/6/2019 ويختتم في تاريخ 21/10/2019 ضمناً. كما وقع مرسوماً ثانياً بإحالة مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2019 على مجلس النواب، ومرسوماً ثالثاً بإحالة مشروع قانون على مجلس النواب يرمي الى تعديل القانون الرقم 112 تاريخ 22/3/2019 بحيث يجاز للحكومة جباية الواردات وصرف النفقات على اساس القاعدة الاثني عشرية حتى 30 حزيران المقبل.
في غضون ذلك، برزت ردود فعل دولية جديدة على اقرار الحكومة مشروع الموازنة بعجز يقدر بنسبة 7.59 في المئة. وغداة ترحيب الامم المتحدة باقرار الموازنة في مجلس الوزراء، أصدرت السفارة الفرنسية في لبنان بياناً "رحبت" فيه بموافقة مجلس الوزراء على الموازنة لعام 2019. واعتبرت ان ذلك "يشكل مؤشراً إيجابياً لتنفيذ لبنان الالتزامات التي اتخذها خلال مؤتمر "سيدر". وأضافت: "لن تصبح الموازنة نهائية قبل أن يعتمدها مجلس النواب. نأمل أن يتم هذا الاعتماد في أسرع وقت ممكن. تبقى فرنسا إلى جانب لبنان، تشارك بشكل كامل في تنفيذ مقررات مؤتمر "سيدر" التي من شأنها أن تمكن لبنان من تنفيذ الإصلاحات اللازمة لمواجهة تحديات الغد، وخصوصا في ما يتعلق بالحوكمة. يتطلب التنفيذ الفاعل لمؤتمر "سيدر" وضع آلية مراقبة صلبة وشفافة نأمل بشدة أن يبدأ العمل بها قريباً".
وفي المقابل، صدر أول رد فعل متحفظ عن مؤسسات التصنيف الدولية اذ نقلت "رويترز" عن وكالة "ستاندارد آند بورز غلوبال" للتصنيفات الائتمانية أمس أن خطة موازنة لبنان لخفض عجزه المالي إلى 7.59 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة قد لا تكون كافية لاستعادة الثقة التي تضررت في البلد المثقل بالديون.
وقد دفعت المخاوف المتزايدة حيال مالية لبنان "ستاندارد آند بورز" إلى وضع البلاد عند تصنيف B- مع نظرة مستقبلية سلبية في أول آذار.
وقالت محللة لبنان الرئيسية لدى "ستاندارد آند بورز" ذهبية سليم جوبتا بالبريد الإلكتروني: "الإعلان (عن خفض العجز إلى 7.59 في المئة من أكثر من 11 في المئة العام الماضي) قد لا يكون كافياً في حد ذاته لتحسين ثقة المودعين والمستثمرين غير المقيمين، والتي تراجعت في الأشهر الأخيرة".
وأضافت أن عدم تحقيق الهدف الجديد أمر وارد، خصوصاً أن أي إجراءات لخفض التكاليف ستطبق فقط في النصف الثاني من العام.
وقالت جوبتا: "تشير تقديراتنا إلى عجز مالي في 2019 عند نحو عشرة في المئة… في غياب تعزيز جوهري للإيرادات وإجراءات خفض النفقات، نتوقع أن تواصل نسبة الدين العام للبنان الارتفاع لتتجاوز 160 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2022 من 143 في المئة في 2018".
صحيفة اللواء:
الموازنة تُنعِش سندات الدولار .. وأولوية الحكومة وقف الإعتراضات المطلبية الحريري إلى مكة اليوم لتمثيل لبنان في القمّتين.. وأجوبة مرنة يحملها ساترفيلد حول الترسيم البحري
بعد إقرار الموازنة، جاء دور المراسيم اللازمة: مرسوم إحالة مشروع قانون الموازنة إلى مجلس النواب، ومرسوم استمرار الصرف على القاعدة الاثني عشرية حتى آخر حزيران ومرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، لدراسة وإقرار الموازنة تستمر حتى 31 ت1.
كل ذلك، في وقت تركزت فيه الأنظار على توجه لدى أحزاب السلطة ومنظماتها وتياراتها لإنهاء إضراب أساتذة الجامعة، الذين لم يلمسوا ايجابيات مباشرة تجاه مطالبهم، والذين اقترح وزير الاتصالات محمّد شقير في جلسة مجلس الوزراء اجراء حسومات يومية من رواتبهم الأمر الذي استدعى رداً مباشراً من وزير التربية والتعليم العالي اكرم شهيب، الذي أكّد في بيان اعلامي ان "الوزير الصديق شقير كان حاضراً خلال جلسة مجلس الوزراء التي طرح فيها الموضوع وسمع اعتراض ورفض الوزير شهيب القاطع حول هذه المسألة وكيف ان وزير المالية علي حسن خليل ايده في الرفض".
بالتزامن كان الرئيس ميشال عون يبلغ مجلس القضاء الأعلى ان "اعتكاف القضاة غير مبرر، ويضرب هيبة القضاء"، في محاولة لإنهاء هذه الخطوة غير المسبوقة.
واليوم، يتوجه الرئيس سعد الحريري إلى مكة لتمثيل لبنان في القمتين العربية والإسلامية لمواجهة تحديات التدخل الإيراني والاعتداءات على المملكة العربية السعودية وأوضاع المنطقة، واللتان تعقدان في الرياض يومي الخميس والجمعة في 30 و31 أيّار الجاري.
وأكّد مصدر مطلع لـ "اللواء" ان الموقف اللبناني ينطلق من ثابتتين: الإجماع العربي، الذي لبنان جزء منه، والنأي بالنفس عن الصراعات الجارية.
مراسيم استباقية
ووفقاً لما توقعته "اللواء" أمس، فقد وقع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم إحالة مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2019 على مجلس النواب، مقروناً بمرسومين الاول: قضى باحالة مشروع قانون على مجلس النواب يجيز للحكومة جباية الواردات وصرف النفقات على أساس القاعدة الاثني عشرية حتى 30 حزيران المقبل، والثاني يفتح دورة استثنائية للمجلس ابتداء من الأوّل من حزيران ولغاية 21/10/2019 تاريخ بدء الدورة العادية الثانية للمجلس، وذلك لكي يتمكن المجلس من درس مشروع الموازنة ضمن المدة المحددة والتي يجوز للحكومة الصرف فيها على أساس القاعدة الاثني عشرية، وقبل ان يعود لها الحق بالصرف وفق الموازنة في حال تمّ التصديق عليها في آخر شهر حزيران.
وسبق صدور كل هذه المراسيم مقرونة بتوقيع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل، مشاورات بين الرئيسين عون ونبيه برّي، وايضا بين عون والحريري، وشملت المشاورات أيضاً رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، الذي وقع التقرير النهائي للتوظيف العشوائي المخالف للقانون واحاله إلى الرئيس برّي. وتناولت هذه المشاورات تحديد موعد انعقاد اول اجتماع للجنة للبدء بدرس مشروع الموازنة، والذي يرجح ان يكون مطلع الأسبوع المقبل.
وبانتظار وصول مشروع الموازنة إلى المجلس، حيث يتوقع ان يشهد جولات جديدة من المنازلات النيابية لن تخلو من مزايدات شعبوية، بحسب وزير الخارجية جبران باسيل، قد تؤثر على صمود نسبة العجز في الموازنة إلى الناتج المحلي، فقد صدرت مجموعة مؤشرات خارجية إيجابية على إقرار الموازنة، كان أهمها ما نقلته وكالة "رويترز" عن "اي.اتش.اس.ماركت" من تسحن في أرقام سندات لبنان الدولارية في أوّل يوم عمل، ربما يؤشر الى ان المخاطر المالية المحيطة بالبلد بدأت تتقلص.
وقالت "رويترز" ان تكلفة تأمين، الانكشاف على الديون السيادية اللبنانية انخفضت بينما ارتفعت السندات الدولارية للبلاد بعد أن وافقت الحكومة على موازنة 2019 التي تتضمن تخفيضات كبيرة في الإنفاق وانخفضت تكلفة التأمين على ديون لبنان لأجل خمس سنوات 23 نقطة أساس من إغلاق الاثنين إلى 847 نقطة وارتفع إصدار سندات لبنان المقومة بالدولار المُستحق في تشرين الثاني 2019 ما يزيد عن 0.7 سنت للدولار، بينما ربح إصدار آذار 2020 نحو 0،6 سنت".
ومن المؤشرات الإيجابية ايضا، ترحيب السفارة الفرنسية في لبنان بموافقة مجلس الوزراء على الموازنة، ما يُشكّل مؤشراً ايجابياً لتنفيذ لبنان الالتزامات التي اتخذها خلال مؤتمر "سيدر".
وأكّد البيان ان "فرنسا ستبقى إلى جانب لبنان تشارك بشكل كامل في تنفيذ مقررات مؤتمر CEDRE، التي من شأنها ان تمكن لبنان من تنفيذ الإصلاحات اللازمة لمواجهة تحديات الغد، وخاصة في ما يتعلق بالحوكمة، ويتطلب التنفيذ الفاعل لمؤتمر CEDRE وضع آلية مراقبة صلبة وشفافة، ونأمل بشدة أن يبدأ العمل بها قريباً".
لكن وكالة "ستاندرد اند بورز جلوبال" للتصنيفات الائتمانية خالفت هذه الإيجابيات، مشيرة إلى ان خفض نسبة العجز في موازنة لبنان إلى 7،6 بالمائة لهذا العام قد لا تكون كافية لاستعادة الثقة التي تضررت في البلد المثقل بالديون.
وقالت محللة لبنان الرئيسية لدى ستاندرد آند بورز ذهبية سليم جوبتا بالبريد الإلكتروني "الإعلان (عن خفض العجز إلى 7.6 بالمئة من أكثر من 11 بالمئة العام الماضي) قد لا يكون كافيا في حد ذاته لتحسين ثقة المودعين والمستثمرين غير المقيمين، والتي تراجعت في الأشهر الأخيرة".
وأضافت أن عدم تحقيق الهدف الجديد أمر وارد، لاسيما أن أي إجراءات لخفض التكاليف ستطبق فقط في النصف الثاني من العام.
وقالت جوبتا "تشير تقديراتنا إلى عجز مالي في 2019 عند حوالى عشرة بالمئة… في غياب تعزيز جوهري للإيرادات وإجراءات خفض النفقات، نتوقع أن تواصل نسبة الدين العام للبنان الارتفاع لتتجاوز 160 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2022 من 143 بالمئة في 2018".
مواقف
اما وزير المال علي حسن خليل، فرأى في أوّل إطلالة إعلامية له بعد إقرار الموازنة في الحكومة، ان ثمة مشاكل بنيوية في الدولة لا يُمكن ان تعالج بمشروع الموازنة، وتحديداً بما يتعلق بدور القطاع العام، مبدياً اعتقاده بأن هذه الموازنة ارست واحدة من القواعد الأساسية وهي تكليف الإدارات والوزارات لإعادة النظر بملاكاتها وتكليف لجنة محددة لرسم التوصيف الوظيفي الجديد لهذا القطاع.
وأوضح أنه في مقابلة مع برنامج "حوار مع الأنباء" تم إعادة النظر بالرواتب وبالتعويضات الإضافية التي كانت تراكم مبالغ كبيرة"، مشيراً إلى أن "النقاش بدأ بدور الوظيفة العامة واعادة النظر بكل الهيكلية الادارية".
وأشار خليل إلى أنه اقترح "حسم خمسين في المئة على مخصصات السلطات العامة، وثمة وجهة نظر في مجلس الوزراء، وأنا لست معها، وهي أنه يوجد إدانة لأناس يتقاضون أقل من المدراء العامين وإذا ما حصل تصويت من جديد سأصوت على حسم هذه النسب".
ولفت إلى أنه "بغض النظر عن "سيدر" وعن رأي المجتمع الدولي نحن اليوم بمواجهة الموازنة، كان هناك عجز كبير تحقق في الـ 2018 ?وتجاوز الـ 11،4 ونحن مضطرون ان نعيد جزءاً من التوازن في وضع المالية وتخفيض قدر الإمكان من النفقات وزيادة الواردات، والمهم اليوم هو التحدي أمام الحكومة وكيف سنلتزم به دون ان نزيد الانفاق وأن نعمل بشكل جدي".
ومن جهته، رأى رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل ان ما تحقق في الموازنة كثير ولكن ما لم يتحقق أكثر، لكن بالمحصلة منعنا الانهيار، الا ان الأمر ليس كافياً لتحقيق النهوض الاقتصادي، مشدداً على ان الموازنة لا تكتمل إلا باقرارها في مجلس النواب وتطبيقها، مبدياً تخوفه ممّا يُمكن ان يحصل في المرحلة المقبلة في مجلس النواب من مزايدات شعبوية قد تضرب الكثير مما حققناه على أكثر من مستوى.
وأشار باسيل، عقب اجتماع "تكتل لبنان القوي" إلى ان تخفيض العجز إلى 7،5 في المائة هو أمر جيد، لكنه أقل بكثير مما كان يُمكن تحقيقه، وهو لا يزال نظريا والاهم هو ان نلتزم به.
وأوضح: ارفقنا بالموازنة بنودا اقتصادية وقرارات اقتصادية وحديث عن رؤية ولكن لا يُمكن القول ان الموازنة مبينة على رؤية اقتصادية، مشككاً فيما تمّ إدخاله من إصلاحات سواء بالنسبة إلى التهرب الضريبي والجمركي، وخفض النفقات ووقف مكامن الهدر، وقطع الحساب ومن كسر أمور كانت محرمات، لأنه لا يُمكن القول انه سيكون هناك التزام من الجميع، مستشهداً أن لا ضمان في تنفيذ فض العجز في الكهرباء إلى 2500 مليار.
اما كتلة "المستقبل النيابية، فقد اشارت في بيانها الأسبوعي إلى ان مشروع الموازنة يُشكّل قاعدة متينة للانطلاق بالبرنامج الحكومي لاستثمار وتطوير البنى التحتية كما جرت الموافقة عليه في مؤتمر "سيدر"، معتبرة بأن التحدي الجدي المطروح على الدولة حكومة ومجلساً نيابيا هو عدم استنفاد هذه الفرصة المتجددة وإغراقها بسيلٍ من المزايدات الكلامية على صورة ما جرى في تجارب سابقة، وفي مراحل عدة خطفت من طريق اللبنانيين فرصاً عديدة للاصلاح الاداري واقفال مزاريب الهدر والفساد.
اعتكاف القضاة
إلى ذلك، أعلن الرئيس عون ان "استقلال السلطة القضائية لا يبرر مطلقا اعتكافها عن احقاق الحق وتعطيل العدالة"، مشيرا الى ان "استمرار اعتكاف عدد من القضاة على ابواب عطلة قضائية يضرب هيبة القضاء ويزيد معاناة المتقاضين ويرفع منسوب الخطر على حقوقهم". ودعا مجلس القضاء الاعلى الى "معالجة الوضع القائم حفاظا على سمعة القضاء من جهة وحرصا على استقلاليته من جهة اخرى، لاسيما ان مشروع موازنة 2019 أبقى على الكثير من المكتسبات المعطاة للقضاة ما ينفي اسباب استمرار الحركة الاعتراضية".
واستناداً إلى موقف الرئيس عون، صدر عن وزير العدل البرت سرحان نداء دعا فيه القضاة الى العودة عن الاعتكاف الذي اعلنوه منذ فترة، مطمئناً اياهم انه لم يتم المساس بأوضاعهم كقضاة خارج السياق العام لسياسة التقشف وتخفيض عجز الدولة.
مهمة ساترفيلد
في هذه الاثناء، انتقل الاهتمام الرسمي إلى المهمة التي يقوم بها مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، حول ترسيم الحدود اللبنانية البرية والبحرية، في ضوء الجواب الذي حمله إلى بيروت من تل أبيب في شأن إطلاق المفاوضات والتي بات معروفاً انها ستتم برعاية الأمم المتحدة وعبر اللجنة الثلاثية التي تجتمع دورياً في الناقورة، لكن هذه المرة في حضور ومساعدة من الجانب الأميركي لتسهيل وتسريع الوصول إلى حلول مرضية لكلا الجانبين.
وبحسب المعلومات، فإن الجواب الذي حمله ساترفيلد معه من تل أبيب، يُؤكّد موافقة الحكومة الإسرائيلية على التفاوض مع لبنان برعاية الأمم المتحدة، حول عملية الترسيم البري والبحري، وعبر الوساطة الأميركية، ولكن على أساس ان يتم التفاوض اولا على الحدود البرية، ومن ثم على الحدود البحرية، وهو ما لم يوافق عليه الجانب اللبناني، ما حتم على الديبلوماسي الأميركي القيام بجولة مكوكية جديدة بين بيروت وتل أبيب، تقول المعلومات انها لن تتأخر نظرا لأن الجانب الإسرائيلي مستعجل على التفاوض.
وكان ساترفيلد الذي عاد إلى بيروت أمس، في جولة تفاوضية ثالثة، قد التقى الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري ووزير الخارجية جبران باسيل وقائد الجيش العماد جوزف عون، قبل ان ينتقل لاحقا إلى تل أبيب.
ولوحظ ان اللقاء الاطول تمّ بين ساترفيلد والرئيس برّي والذي استغرق أكثر من ساعة، لكن المعلومات التي خرجت من عين التينة تفيد ان التقدم الذي يسجل في مسار المفاوضات لا يزال بحاجة إلى خطوات أخرى، وعزت تريث عين التينة في الحديث عن ايجابيات إلى ان "لبنان يتطلع إلى ان تكون نهاية المسار التفاوضي مع إسرائيل واضحة كما البداية، أي ألا يكون هناك ربط بين سلاح "حزب الله" والتلازم في ترسيم الحدود.
اما أوساط قصر بسترس فأفادت ان ساترفيلد نقل إلى لبنان الجواب الإسرائيلي وفقاً للطرح اللبناني الذي تقدّم به رئيس الجمهورية في موضوع المفاوضات لترسيم البحرية والبرية، وان لبنان تبلغ الموقف الإسرائيلي وفقاً لطرحه، والجو كان ايجابياً.
واكدت مصادر مطلعة لـ"اللواء" على أجواء المفاوض الأميركي ان التقدم الذي تحقق في ملف ترسيم الحدود ان اسرائيل وافقت بالتفاوض على الترسيم البحري كذلك وافقت على قيام دور للامم المتحدة انما سيحدد ماهيته لاحقا . ولفتت المصادر الى. ان موضوع الترسيم البري يبقى قيد البحث عما اذا كان متلازما مع البحري ام لا.
ولاحظت ان الأمور لم تنته ولذلك عاد ساترفيلد الى اسرائيل كي يتابع مساعيه مكررة ان موضوع تلازم الترسيمين البحري والبحري ليس محسوما.
واشارت الى ان الجانب الاسرائيلي وافق على مشاركة. الأمم المتحدة لكن طبيعة المشاركة (استضافة، مشاركة، التزامات الخ) غير واضحة بعد.
واكدت ان ساترفيلد سيتوجه الى الأراضي الفلسطينية المحتلة لتوضيح بعض النقاط وانه اذا حصلت موافقة على التلازم يعود. اما ذا لم تحصل فإن واشنطن ستواصل مساعيها.
وخلصت المصادر إلى القول ان هناك حلحلة لكنها تستوجب عملا وجهدا.
وفي السياق، قالت مصادر ديبلوماسية ان ساترفيلد عاد بأجوبة يُمكن وصفها بالمرنة، لا سيما في ما خصَّ الأفكار المطروحة للبدء بترسيم الحدود البحرية، من زاوية ان لا خلافات كبيرة حول الحدود البرية وترسيمها، بعد وضع الخط الأزرق، وخط الهدنة عام 1949.
صحيفة الشرق:
اسرائيل للترسيم البحري فقط فهل يتدخل مجلس الامن ؟
يحاول الموفد الاميركي دايفيد ساترفيلد اخراج المفاوضات البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل من عنق الزجاجة، على الرغم من ان المعطيات المواكبة للزيارة لا تشير الى ان الامور صعبة ومستحيلة، انها ليست سهلة بتاتاً.
ساترفيلد الذي أبلغ لبنان موافقة اسرائيل على الطرح اللبناني المتعلق بترسيم الحدود بحراً فقط، نقل عنه ديبلوماسي غربي "انه بدأ فعلياً اليوم البحث مع الطرفين اللبناني والاسرائيلي في تفاصيل تشكيل الوفد المفاوض وتمثيله ومكان التفاوض والبنود الاساسية التي من المفترض سلوكها". وانه سيقوم بزيارات مكوكية بين لبنان واسرائيل، وانه سيعود قريبا الى بيروت.
وقال المصدر الديبلوماسي المرافق لساترفيلد والذي رفض ذكر اسمه "اننا نضع اليوم اللمسات النهائية على جولات ساترفيلد المكوكية، والمستمرة خلال الاسابيع المقبلة. ويمكننا التأكيد ان لا عوائق جوهرية، او مشاكل أساسية أمام الطرح اللبناني لوضع المفاوضات بين الجانبين حيز التنفيذ".
أضاف ان للأطراف دوراً أساسياً وجوهرياً في هذه المفاوضات لاسيما الامم المتحدة، لبنان واسرائيل، والوسيط الاميركي. ونحن نتابع مع مختلف القيادات اللبنانية والاسرائيلية الخطوات الواجب اتخاذها، والتدابير اللوجستية والعملية لانطلاق المفاوضات اللبنانية - الاسرائيلية.
وبالعودة الى ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، فإنه يعود لسنوات خلت، اجتهد وقتها الوسيط القبرصي في العام 2012 للتوصل الى تفاهم يشمل جميع الاطراف، إلا أنه لم ينجح في ذلك.
فحاول المبعوث الاميركي آنذاك فديرك هوف لعب دور لايجاد حل، وتقدم بمقترحات لم تصل الى نتيجة أيضاً. فتم استبداله لاحقاً بالمسؤول الاميركي آموس هوكتتين في العام 2014، لكن الموضوع بقي يدور في حلقة مفرغة.
وبحسب متابعين للملف، فإن من أحد أسباب التعثر في هذا الملف، غياب محاور واحد في الجانب اللبناني، أي بمعنى آخر، فإن جهات سياسية عدة تحاول فرض رأيها في هذا الامر، رابطة هذا الامر بالأوضاع الاقليمية والدولية.
صحيح ان المفاوضات التقنية استندت في مرحلة من المراحل الى اللواء عبد الرحمن شحيتلي، إلا ان الشكوى بقيت هي هي لأسباب أهمها:
1- ان الجهات اللبنانية التي كانت تتعاطى في الملف بنسب مختلفة تراوحت بين رئاسة مجلس النواب، ورئاسة الحكومة، اضافة الى وزارات الخارجية، الدفاع والاشغال، وقد أجريت دراسات تقنية جيدة جداً.
2- تفضيل لبنان تكليف الامم المتحدة للقيام بدور الوسيط. وبعد مرحلة اولى، وافقت فيه الامم المحدة على ان تقوم بالمساعدة على ترسيم خط أزرق بحري شبيه بالخط الازرق البري. عادت وتراجعت عن موقفها، وآخر هذه المواقف التصريح الذي ادلى به مسؤول في "اليونيفيل"، ان مسؤوليتهم تقتصر فقط على مراقبة الحدود البرية التي ساهمت في ترسيم خطها الازرق.
3- الاختلاف على نقطة الانطلاق في البر لترسيم الخط البحري.
السفير دايفيد ساترفيلد الذي يقوم بدور "المسهل"، "Facilitator"، كما أعلن هو بذاته، لايجاد حل يؤمن مصلحة الطرفين، اكد أنه سيستمر في هذه المهمة الصعبة.
إلا ان القراءات الديبلوماسية تشير الى ان دور "المسهل" قريب جداً من دور "الوسيط"، "Mediateur"، لكنه يختلف معه بعض الشيء. فالمسهل يكتفي بتوضيح مواقف الاطراف، والمساعدة على فهمٍ أفضلٍ لتعقيدات الملف من الناحية التقنية. إضافة الى ان المسهل غالباً ما يقوم بمهامه قبل حصول أي نزاع بين الطرفين، وتلافياً لنشوب أي عمل عسكري محتل.
اليوم، السؤال المطروح، في حال سارت الامور في الاتجاه الصحيح والايجابي لترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، هل هذا الامر يتطلب قراراً جديداً في مجلس الامن من اجل تشكيل لجنة تفاوضية باشراف الامم المتحدة؟
طالما ان اسرائيل رفضت مشاركة "اليونيفيل"، و"اليونيفيل" ذاتها تبدو اما رافضة او مترددة للقيام بمثل هذا الدور، فمن المنطقي انه يتوجب في هذه الحال استصدار قرار جديد يفوض "اليونيفيل" بالمساعدة على ترسيم الحدود البحرية.
إلا انه من مراجعة مواقف "اليونيفيل" عامي 12-2013، يتبين انها كانت على استعداد للعب دور في هذا المجال عبر ترسيم خط أزرق على طول خط انطلاقه من البر.
ما يعني ان مسألة مشاركة "اليونيفيل" او عدم مشاركتها تخضع لاعتبارات سياسية قد تسمح لها بلعب مثل هذا الدور او الاقتناع عن ذلك وفقاً لمآخذ يتوافق حولها أبرز الاطراف المعنية.
أمام هذه الصورة الضبابية و"المتشائلة"، يبقى السؤال هل فعلاً "حزب الله" أعطى الضوء الأخضر، للبدء بعملية التفاوض البحري مع اسرائيل، ام ان هذا الامر مرتبط فعلاً بما تستحضره المنطقة من "صفقة للقرن" يحاول الطرف الاميركي تسويقه وتسهيله حفاظاً على أمن اسرائيل، واراحتها من أي اعتداءات على حدودها في حال استمر الصراع الاميركي - الايراني؟
صحيفة الجمهورية:
لبنان يرفض السقف الزمني للتفاوض وبرِّي يدعو الى حال طوارئ
فيما سلكت الموازنة العامة للدولة طريقها الى مجلس النواب، خطفت الاضواء أمس عودة مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد الى لبنان ناقلاً الرد الاسرائيلي على المقترحات اللبنانية في شأن ترسيم الحدود البحرية والبرية والمفاوضات في شأنها. وعلمت "الجمهورية" انّ مكان هذه المفاوضات محدّد في مقر الامم المتحدة في الناقورة "بضيافتها ورعايتها وتحت علمها" بمشاركة الوسيط الاميركي وحضور الجانبين اللبناني والاسرائيلي، وانّ الوفد اللبناني سيكون عسكرياً مغطّى سياسياً، في حال انتهت المفاوضات الى اتفاق يوقعه جميع الاطراف.
فقد عاد ساترفيلد الى بيروت أمس، ونقل الرد الاسرائيلي على المقترحات اللبنانية، وكان له لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي اشار الى "انّ الامور ما زالت تسير في المنحى الايجابي، لكن لا حسم حتى الآن".
وإذ اشار بري الى انّ ساترفيلد نقل موافقة اسرائيلية على الترسيم المتوازن في وقت واحد بين البر والبحر (مزارع شبعا خارج هذا الترسيم لارتباطها بالقرار 1701). قال: "انّ هناك اموراً ما تزال في حاجة الى بحث وتدقيق، وننتظر ان يأتي المسؤول الاميركي بالرد الاسرائيلي عليها".
وعن ماهية النقاط العالقة، قال بري: "انّ الاسرائيليين يطرحون وضع سقف زمني للمفاوضات مداه 6 أشهر، امّا موقف لبنان، فهو رفض تحديد أي سقف زمني للمفاوضات، بل إبقاؤها مفاوضات مفتوحة حتى التوصل الى اتفاق. ومَرد الرفض اللبناني لربط المفاوضات بسقف زمني لها، هو الخشية من ان تعمد إسرائيل الى المماطلة وتضييع الوقت خلال فترة الستة أشهر".
وقالت مصادر حكومية لـ"الجمهورية" انّ ساترفيلد أبلغ الى لبنان أنّه متفائل، وانّ هناك تقدّماً في تثبيت المفاوضات لكنّه حتى الساعة لم يصل الى نتيجة نهائية، وعندما يصل اليها فإنه سيبلِغها الى لبنان. واضافت هذه المصادر أنّ مساعد وزير الخارجية الأميركي أبلغ لبنان أنّ الولايات المتحدة لا تريد من الإيرانيين إساءة فهم أو عدم تقدير مدى تصميمها إذا أخطأت إيران. ونبّه ساترفيلد المسؤولين اللبنانيين الى ضرورة الانتباه الى بلدهم وعدم السماح لأيّ طرف من استخدامه رسائل لمصالح خاصة.
في الخارجية
من جهتها، قالت مصادر الخارجية لـ"الجمهورية" انّ ساترفيلد أبلغ الى وزير الخارجية جبران باسيل أنه حمل وجهة نظر لبنان الى إسرائيل، وأنّ الأخيرة وافقت على رؤية لبنان لمسار الترسيمين الحدوديين البحري والبرّي معاً. وتوقعت المصادر إمكانية انطلاق المفاوضات خلال أسبوعين، مشيرة الى أنّ ما يُرتّب في مسألة المفاوضات يتعلق بجدول أعمال هذه المفاوضات ودور الأمم المتحدة فيها وعلى أي مستوى ستتمثّل. وأفادت المصادر نفسها أنّ أجواء اللقاء بين باسيل وساترفيلد "كانت أكثر من إيجابية، وأنّ الرؤية التي عبّر عنها رئيس الجمهورية في رسالته سائرة كما هي".
الموازنة
وعلى جبهة مشروع موازنة 2019 التي تسلّمها رئيس مجلس النواب نبيه بري مُحالة من مجلس الوزراء أمس، علمت "الجمهورية" انّ لجنة المال والموازنة ستبدأ اولى جلساتها لدرس هذا المشروع اعتباراً من الاثنين المقبل، على ان تليها جلسات متتالية بعد عطلة عيد الفطر، وقد تسلّم بري 30 نسخة ورقية من المشروع بالصيغة التي أقرّها مجلس الوزراء.
جلسات متتالية
وعلمت "الجمهورية" انّ لجنة المال النيابية كانت قد فضّلت ان تبدأ جلساتها بعد عيد الفطر، إلّا أنّ رئيس المجلس أصرّ على بدء النقاش قبل العيد في خطوة تعكس الاصرار على الاسراع في إقرار الموازنة، على أن تُعقد بعد العيد جلسات متتالية للجنة المال بمعدل جلسة او جلستين يومياً نهاراً ومساءً.
بري وحال الطوارىء
وأعرب بري عن ارتياحه الى إقرار الموازنة بالنحو الذي انتهت اليه، ووصف خفض العجز الى 7,59 في المئة بأنه "إنجاز يُبنى عليه". واشار الى انه بعد "إقرار الموازنة التي شغلنا النقاش فيها عن القضايا الملحّة التي كنّا في صددها، يجب على الحكومة ان تنتقل الى المعالجات، ما يفرض عليها ان تبادر الى اعلان حالة طوارئ لتتابع المسار الذي كان معتمداً في اتجاه مكافحة الفساد واصلاح الادارة وإتمام سائر الملفات كملف الكهرباء، لجهة التعجيل في الخطة التي وضعت وحسم موضوع النفايات وإجراء التعيينات في المراكز الشاغرة والتفعيل الاداري والرقابي، إضافة الى بَت موضوع العفو العام".
ورداً على سؤال، قال بري: "خرجت الموازنة في الشكل الذي كنّا نقوله منذ البداية، حيث انها لم تطل الفئات المتوسطة أو الشعبية. مع الأسف لم يصدقوا ذلك، وواكبوا الموازنة بمزايدات وما الى ذلك". واشار الى انّ مجلس النواب مع فتح الدورة الاستثنائية "سيتحول ورشة عمل مواكبة لأداء الحكومة"، ولفتَ الى أنه على وعده بعقد جلسات محاسبة شهرياً اذا اقتضى الامر.
قراءات في الموازنة
وفي سياق القراءات الاقتصادية لمشروع الموازنة والإجراءات الضريبية التي يحتوي عليها، اعتبر رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين كريم ضاهر انّ موازنة 2019 هي موازنة تلبية الشروط والممكن من أجل تجنيب لبنان الانهيار. ورحّب ضاهر، عبر "الجمهورية"، بـ"ترشيد الإنفاق ومحاربة ظواهر التبذير من حيث المخصصات والإعانات والمساعدات، ما يعني انّ الحكومة بذلت جهداً لخفض الإنفاق وزيادة الواردات ومحاربة ظاهرة التهرّب الضريبي، وقد بَدا ذلك واضحاً من خلال تدابير عدة اتخذتها".
بيروتي
من جهته، قال نقيب أصحاب المجمعات السياحية البحرية والأمين العام لاتّحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي لـ"الجمهورية": "إنّ فرض رسم مقابل إشغال غرفة في فندق أو شقة مفروشة جاء بناءً على اقتراح وزير السياحة، بعد خفض موازنة وزارته بغية تكوين موازنة للتسويق السياحي والفندقي".
وأشار الى انه "في حال لم تُستخدم الأموال المرصودة نتيجة هذا الرسم، من اجل التسويق فعلاً، فإنّ مردودها سيكون عكسيّاً على القطاع السياحي". واعتبر انّه "من الأجدى لو انّ هذه الإيرادات تتمّ جبايتها مباشرة بواسطة المجلس التسويقي الذي سيتمّ إنشاؤه في وزارة السياحة وليس بواسطة وزارة المال". ولفت الى "انّ نسبة الإشغال في الفنادق الواقعة خارج بيروت متدنّية جدّاً، وبالتالي كان يتوجّب على الدولة إعطاء حوافز للمؤسسات السياحية خارج العاصمة بغية دعمها وتحفيز السيّاح على اختيارها، لأنّ اسعارها أقلّ من نظيراتها في بيروت".
وزني
بدوره، توقف الخبير الاقتصادي غازي وزني عند رفع الضريبة على فوائد وعائدات وإيرادات الحسابات الدائنة كافة المفتوحة لدى المصارف، بما فيها حسابات التوفير وفوائد وعائدات الودائع وغيرها من 7 إلى 10%. فقال لـ"الجمهورية": "انّ هذا الإجراء ايجابيّ لأنه سيرفع ايرادات الخزينة بقيمة 500 مليون دولار، وهي ايرادات مضمونة". وفيما اشار الى انّ هذه الضريبة تطاول المصارف والمودعين، قال: "بالنسبة الى المودعين، إنّ الفوائد على الودائع ارتفعت في عام بنسبة 2 في المئة على الدولار و4 في المئة على الليرة اللبنانية، وبالتالي فإنّ هذه الضريبة ستكلّف صاحب وديعة بقيمة 100 الف دولار، 20 دولاراً شهرياً، ووديعة 50 ألف دولار 10 دولارات شهرياً". ورأى "انّ هذه الضريبة لن تؤدي في نهاية المطاف الى خروج الودائع او عدم مجيئها الى لبنان، لأنّ الفوائد على الودائع في لبنان هي الأعلى في المنطقة".
تحفُّظ "القوات"
وقالت مصادر "القوات اللبنانية" لـ"الجمهورية" انّ أسباب تحفظها عن بعض مواد الموازنة ليست شكلية أو لمجرد تسجيل موقف على غرار قوى سياسية أخرى، إنما يستند تحفظها إلى معطيات فعلية حول الأرقام العامة للموازنة ونسبة العجز، حيث لم يتحقق الهدف المطلوب لاسيما لجهة النقاط التي طرحتها "القوات" سابقاً، ومن أبرزها: زيادة تحويلات مرفأ بيروت إلى الخزينة، وزيادة تحويلات قطاع الاتصالات إلى الخزينة، وزيادة التحصيل الجمركي والضريبي على الأملاك البحرية، وتخفيض تخفيض اضافي في النفقات (من الصناديق المتعددة) يمكن أن توزّع على مبالغ معقولة لتصل الى مجموع يخفض العجز الى 7.5%.
واشارت المصادر الى تحفظ حول توقعات النمو التي تبنى عليها قيمة العجز، مع تأكيد التزام مجلس الوزراء لتحقيق أرقام الموازنة بالفترة الوجيزة المتبقية لجهة تطبيق مرحلة 2019 خطة الكهرباء والالتزام بما تمّ إقراره في مجلس النواب من ناحية المهل والنتائج. وطالب وزراء "القوات" مجلس الوزراء بأن يتعهّد خطياً وفورياً بضبط المعابر غير الشرعية من قبل الجيش، والتعاقد مع شركات تدقيق للمستوعبات من المصدر، والتعاقد مع الشركات لتركيب وادارة كاشف على المستوعبات في المرافق الشرعية، ووضع اجراءات لتحصيل أكبر للرسوم على الأملاك البحرية، ومراجعة قانونية للالتزام والتهرب الضريبي وإحالتهما الى مجلس النواب خلال أسبوعين، وعدم تجديد عقود العمل التي أبرمت بعد إقرار قانون السلسلة التي تبرّر بأسباب طارئة وضرورية.
وشددت "القوات" على ضرورة إقرار إصلاحات بنيوية كبرى تبدأ مع اقرار الموازنة، وفي طليعتها: التزام الحكومة بدرس وضع كافة المؤسسات العامة والهيئات واللجان بهدف إشراك بعضها واقفال البعض الآخر وتعيين مجالس ادارات في البعض الثالث، والشروع في العمل على اشراك القطاع الخاص في الاتصالات وتحريره للمنافسة كما نص عليه البيان الوزاري، والشروع في إشراك القطاع الخاص في ادارة مرفأ بيروت.
ترحيب فرنسي
ورحّبت سفارة فرنسا في لبنان، في بيان أمس، بموافقة مجلس الوزراء على الموازنة، ووجدت في هذه الخطوة "مؤشراً إيجابياً الى تنفيذ لبنان الالتزامات التي اتخذها خلال مؤتمر "سيدر". وقالت: "لن تصبح الموازنة نهائية قبل أن يعتمدها مجلس النواب. نأمل أن يتم هذا الاعتماد في أسرع وقت ممكن".
وأضافت: "تبقى فرنسا إلى جانب لبنان، تشارك كلياً في تنفيذ مقررات مؤتمر CEDRE، التي من شأنها أن تمكّن لبنان من تنفيذ الإصلاحات اللازمة لمواجهة تحديات الغد، وخصوصاً في ما يتعلق بالحَوكمة. ويتطلّب التنفيذ الفاعل لـمؤتمر CEDRE وضع آلية مراقبة صلبة وشفافة نأمل بشدة أن يبدأ العمل بها قريباً".
موازنة 2020
الى ذلك، علمت "الجمهورية" انّ وزير المال علي حسن خليل وجّه مراسلات الى الوزارات في شأن إعداد موازنة سنة 2020 التي يفترض ان تُعدَ ابتداء من الشهر المقبل. وقال خليل لـ"الجمهورية" انه بناء على الخفض الذي بلغه العجز في موازنة 2019، يؤمَل بطبيعة الحال أن نصل الى عجز أقل".
صحيفة الأخبار:
الموازنة غير كافية لاستعادة الثقة! تشكيك دولي في الاجراءات الحكومية والتوقع المعلن للعجز
تنتظر الموازنة العديد من الألغام في المجلس النيابي، بعد المسار المتعثّر في الحكومة. أولى تلك العقبات هي الضريبة على المتقاعدين والتدبير رقم 3. وفيما تشيع الأطراف السياسية أجواءً إيجابية، استمر التشكيك في تحقيق مشروع الموازنة الشروط المطلوبة دولياً
بعد جهد جهيد ونقاشات مستفيضة في الحكومة، وصل يوم أمس مشروع موازنة 2019 إلى المجلس النيابي. وفيما يبدي رئيس الحكومة سعد الحريري ارتياحاً لناحية الانتهاء من النقاشات في الحكومة، من ضمن ارتياح عام تعبّر عنه القوى السياسية إرضاءً لضغوط القوى الدولية وداعمي مؤتمر "سيدر"، جاء موقف الوزير جبران باسيل أمس متوقّعاً بترحيبه الحذر، واعتباره أن "ما تمّ تحقيقه في الموازنة كثير، لكن ما لم يتمّ تحقيقه أكثر".
ومع الأجواء الإيجابية التي تحاول السلطة تعميمها، إلّا أن الضغط الدولي مستمرّ، عبر التشكيك في الإصلاحات التي تضمنتها الموازنة. وبدا لافتاً أمس في ذات السياق، الموقف الذي أعلنته سريعاً وكالة التصنيف "ستاندرد أند بورز"، أن "خطة الموازنة في لبنان لخفض العجز لا تكفي لاستعادة الثقة". وقالت الوكالة إن إعلان خفض العجز إلى 7.6 بالمئة من الناتج المحلي، بعدما تجاوزت عتبة الـ11 في المئة العام الماضي، "قد لا يكون كافياً في حد ذاته لتحسين ثقة المودعين والمستثمرين غير المقيمين، التي تراجعت في الأشهر الأخيرة". وأضافت، بحسب وكالة "رويترز"، أن "عدم تحقيق الهدف الجديد أمر وارد، ولا سيما أن أي إجراءات لخفض التكاليف ستطبق فقط في النصف الثاني من العام". وقالت المحللة المسؤولة عن لبنان في "ستاندرد أند بورز": "تشير تقديراتنا إلى عجز مالي في 2019 عند حوالى عشرة بالمئة… في غياب تعزيز جوهري للإيرادات وإجراءات خفض النفقات، نتوقع أن تواصل نسبة الدين العام للبنان الارتفاع لتتجاوز 160 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2022 من 143 بالمئة في 2018".
ورشة الموازنة التي تنتظرها نقاشات شرسة في المجلس النيابي، ستكون حكماً عرضة لتجاذب كبير مع محاولات نوّاب كل كتلة فرض ما لم تستطع فرضه في الحكومة، وتحويل السجال إلى مادةٍ للمزايدات الإعلامية والاتهامات أمام الشاشات. وكل هذا الهرج والمرج المتوقّع، سيكون على وقع التحرّكات الشعبية في الشارع، واعتراض شرائح واسعة في البلاد متضرّرة من المشروع بصيغته الحالية، مع احتمال أن تكون التحركّات والإضرابات أوسع من تلك التي جرت أثناء النقاش الحكومي. فالنقاش في الغرف المغلقة في بعبدا أو السرايا بين الوزراء، يختلف تماماً عن النقاشات داخل المجلس النيابي، حيث يقدّم النّواب مداخلاتهم تحت ضغط ناخبيهم.
وفيما لم تُحسم بعد وجهة الكتل، إلّا أن العديد من البنود من المتوقّع أن تسقط أو تُعدَّل بنحو كبير، ولا سيّما مسألة فرض ضريبة 3% على معاشات التقاعد، وخاصة بعد ارتفاع اعتراض الجيش والأجهزة الأمنية والمتقاعدين العسكريين على هذا التوجّه. كذلك الأمر بالنسبة إلى بند فرض ضريبة 2% على الاستيراد، التي يعترض عليها حزب الله وحركة أمل وتيار المردة، لخطورة تسببها بارتفاع أسعار شبيه بما تسببه زيادة الضريبة على القيمة المضافة، ولكونها تطاول الشرائح الفقيرة والمتوسطة بنحو عشوائي. وفي الأيام الماضية، بدا وكأن التيار الوطني الحرّ في وارد إسقاط ضريبة الـ3% على المتقاعدين، ومعه حزب الله، فيما يستمر الحريري والقوات اللبنانية بالإصرار عليها. وبحسب المعلومات، فإن وفداً من قوى الأمن الداخلي زار الحريري أمس، وتمنّى عليه التراجع عن هذه الضريبة في المجلس النيابي، ودعّم الوفد طلبه بالإشارة إلى ما وصل إليه من أنباء عن تراجع التيار الوطني الحرّ عن هذا البند، إلّا أن الحريري رفض ذلك، وأكّد للوفد أنه اتخذ قراراً في الحكومة ولن يتراجع عنه ولو تراجعت الكتل الأخرى.
وعُقد أول من أمس أيضاً اجتماع لقادة الأجهزة الأمنية في وزارة الدفاع، بهدف توحيد الموقف من موضوع التدبير رقم 3، لعرضه على رئيس الجمهورية في أول جلسة لمجلس الدفاع الأعلى. وبحسب المعلومات، جرى التوافق بين قادة الأجهزة على أن يبقى "التدبير رقم 3" سارياً على العسكريين في القطعات العملانية، بينما يسري "التدبير رقم 2" على العسكريين الإداريين.
تقنياً، يتوقّع رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، أن يتسلّم نص المشروع اليوم من رئيس المجلس نبيه برّي، على أن يبحثه خلال مهلة 48 من موعد تسلّمه، عملاً بالنظام الداخلي.
وبحسب كنعان، هناك احتمالان للبدء بجلسات اللجنة النيابية: الأوّل هو عقد جلسة يوم الاثنين المقبل قبل عيد الفطر، أو أن يتمّ تأجيل عقد الجلسة الأولى إلى ما بعد العيد، بسبب انشغالات النواب في مناطقهم. إلّا أنه يرجّح عقد جلسة يوم الاثنين لتسريع البدء بالنقاشات في المجلس وإنجاز الموازنة خلال مهلة الشهر التي فرضها توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوماً يتضمّن مشروع قانون يهدف إلى الإجازة للحكومة الصرف على القاعدة الاثني عشرية حتى نهاية حزيران (بصورة مخالفة للدستور الذي يمنح الحكومة حق الإنفاق وفق القاعدة الاثني عشرية في الشهر الأول من العام حصراً).
ويتخلّل الجلسة الأولى إجمالاً استماع اعضاء لجنة المال والموازنة لمداخلة من وزير المال، يطرح فيها فذلكة الموازنة وأرقامها وملخّصاً عاماً عنها، وبعدها تجري جدولة الجلسات للبدء بنقاش التفاصيل. وعلى ما يؤكّد كنعان لـ"الأخبار"، فإنه ستجري جدولة الجلسات صباحاً ومساءً لإنجازها في أقرب فرصة ممكنة، رافضاً إعطاء توقّع لمدة استمرار الجلسات، مستنداً إلى "مواقف الكتل ومسار النقاشات التي قد تطول بحسب التجربة".
لكنّ كنعان يشير إلى أن خطة لجنة المال والموازنة هي النقاش المتأني لكل المسائل، من المواد القانونية إلى الفصل الضريبي والبرامج واعتمادات الوزارات، مع "مسار رقابي متشدد، ومقارنة لمدى التزام الحكومة واحترامها لتوصيات اللجنة والـ39 بنداً إصلاحياً التي طرحناها في 2017 و2018، على أساس التغيير البنيوي وتصحيح الأرقام والحسابات الجارية".
ويرفض كنعان التنبؤ بمواقف الكتل، معتبراً أنْ "لا مصلحة لأحد بالعرقلة، ونتمنى أن لا تتحوّل الجلسات إلى بازار مزايدة".
المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع لبنان 360 بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك