
صحيفة النهار:
هل تتأخر الموازنة بتعثّر قطع الحساب؟
إذا كانت فذلكة الموازنة التي أقرها مجلس الوزراء ستوزع على النواب اليوم بما يتيح لرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان الدعوة الى جلسة أولى لقراءتها الاثنين المقبل قبل ان تدخل البلاد في عطلة عيد الفطر، فان الذي بات شبه مؤكد هو أن النية المعلنة للنواب، وفي مقدمهم الرئيس نبيه بري، لمناقشة جدية وتمحيص للموازنة فلا تمر في مجلس النواب مرور الكرام، ستتسبب بمزيد من التأخير، بحيث ان مهلة الشهر التي قال بري إنها مطلوبة لمناقشة الموازنة في المجلس، ستؤدي الى تأخير اقرارها الى منتصف تموز المقبل في أقل تقدير، الامر الذي سيضعف أكثر ثقة المجتمع الدولي بلبنان والتزامه المواعيد، خصوصاً اذا لم ينتج الوقت الاضافي أي اصلاحات مضافة.
وأمام الموازنة معضلة اضافية تتجاوز عامل الوقت الى ما هو أهم، اذ ان المادة 87 من الدستور نصت على "إن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب ان تعرض على مجلس النواب ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة، وبالتالي يتم إرسال قطع حساب الموازنة إلى ديوان المحاسبة قبل 15 آب من السنة التي تلي سنة الموازنة المنوي اقرارها". لكن قطع الحساب المحكي عنه لن يكون في لبنان لسنة واحدة، بل انه يشمل الاعوام من 1993 الى اليوم، وهو ما كان مثار خلاف سياسي لزمن قبل ان تطويه تسوية سياسية أدت الى سحب كتاب "الابراء المستحيل" من التداول، لكن مفاعيله لم تنته الى اليوم. ويتخوف متابعون من ان يؤدي عدم انجاز قطوعات الحسابات، الى المطالبة بتسوية سياسية تكرر مخالفة العام الماضي، اذ ان الموازنة وصلت إلى المجلس متأخرة نحو ثمانية أشهر عن موعدها الدستوري في تشرين الأوّل الماضي.
وكان وزير الداخلية سابقاً زياد بارود صرح لـ"النهار" ان عدم إقرار قطع الحساب قبل نشر الموازنة مخالف للدستور وبالتحديد للمادة 87. وأكدّ أنّ الدستور ليس وجهة نظر، وتمنى على مجلس النواب التنبه إلى هذه المخالفة كي لا تتكرر، موضحاً أنّها وُضعت لسبب، فالموازنة تحوي الانفاق والجباية في حين ان قطع الحساب يحوي الأرقام الدقيقة لما تمّ إنفاقه وجبايته، وبالتالي يجب على ممثلي الشعب الموافقة على هذه الأرقام. ولا يمكن إقرار الموازنة قبل الموافقة على قطع الحساب، الذي حدث للمرة الأخيرة عام 2005 عن السنة المالية 2003.
وأبلغ وزير المال علي حسن خليل "النهار" أن وزارة المال "قامت بجهد كبير وأنجزت كل ما عليها وارسلت حسابات المهمة ومشاريع قطع الحساب منذ العام 1993 وحتى العام 2017 إلى ديوان المحاسبة ومجلس الوزراء وهي تأمل ان تنجز بسرعة ليكتمل المشهد الدستوري بالموازنة وقطع الحساب"
وأفاد ان هذا الامر أصبح في عهدة ديوان المحاسبة، لافتا الى ان "رئيسي الجمهورية والحكومة حرصا في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء على حث الديوان على انجاز قطوعات الحساب بالتوازي مع عمل مجلس النواب لاقرار الموازنة وفق الاصول، وهذا ما نطمح اليه".
وسألت "النهار" النائب ابرهيم كنعان عن اسباب التأخيرن فأجاب بسؤال مستغرباً: "لماذا لم تحل الحكومة القطوعات الى اليوم؟ نحن ننتظر منذ أكثر من شهر".
وأوضح كنعان "ان المادة 65 في موازنة 2017 اعطت الحكومة مهلة سنة لانجاز قطوع الحساب، وقد انقضت سنة ونصف سنة، وأحال وزير المال البيانات على ديوان المحاسبة الذي يعاني نقصا في عدد موظفيه، وبالتالي لا يمكنه ان ينجز اكثر من قطع حساب العام الماضي في مدة زمنية قصيرة. ونحن ننتظر تقريره بعد حين، لكن من واجب الحكومة ان تحيل التقرير على لجنتنا".
واذ شدّد على ان الانتظام المالي لا يتحقق الا من خلال التكامل بين موازنة في وقتها (غير متأخرة) وحسابات مدققة من ديوان المحاسبة، تخوف من أمرين كلاهما مر: الاول عدم تمكن ديوان المحاسبة من انجاز المهمة، وصدور تقرير سلبي عنه فلا يكون بيان المطابقة ايجابياً.
هل يقود هذا الامر الى تسوية سياسية جديدة؟ أجاب انه يرفض الامر لأن "التسوية ستكون مؤذية جداً للمسار المطلوب من لبنان، وللشفافية، والانتظام المالي، والثقة الدولية".
على صعيد آخر، أعلن رئيس الوزراء سعد الحريري الانطلاقة العلنية لتوسيع نطاق البرنامج الوطني لاستهداف الفقر في تعاونية صبرا بالطريق الجديدة، وقال إن "البرنامج بدأ في عام 2009 أو 2010، ومساهمتنا كحكومة كانت 28.7 مليون دولار، ومساهمة الحكومة الألمانية بلغت أكثر من 50 مليون دولار. والآن، أضافت إليها 10 ملايين أورو، وكذلك ساهم الاتحاد الأوروبي الآن بـ25 مليون أورو. كنا نغطي 58 ألف شخص،وبالمساهمات التي حصلنا عليها اليوم سنرفع عدد الأشخاص الذين يطالهم البرنامج إلى 85 ألف شخص.
صحيفة اللواء:
قمتا مكّة تدعمان نهوض لبنان بعد إقرار الموازنة الإشتباك القواتي العوني يتوسَّع: مَن هجّر المسيحيّين في الجبل؟
اتجهت الأنظار إلى المملكة العربية السعودية التي وصلها الرئيس سعد الحريري على رأس وفد وزاري يضم الوزيرين جمال الجراح ووائل أبو فاعور لتمثيل لبنان في القمتين العربية والإسلامية الطارئتين اللتين ستعقدان في مكة المكرمة اليوم وغداً، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.. والمخصصة للبحث في تطورات المنطقة وتحديات التدخل الإيراني والإعتداءات على المملكة.
وكان في استقباله في مطار الملك عبدالعزيز الدولي الأمير بدر بن سلطان بن عبد العزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة، والأمين العام المساعد لمنظمة التعاون الإسلامي للشؤون السياسية عبد الله عبد الرحمن عالم، وأمين محافظ جدّة صالح التركي، ومدير شرطة منطمة مكة المكرمة اللواء عيد العتيبي، وسفير المملكة لدى لبنان رئيس بعثة الشرف وليد بخاري، وسفير لبنان لدى المملكة فوزي كبارة، ومدير عام مكتب المراسم بمنطقة مكة المكرمة أحمد عبد الله بن ظافر.
وكشف مصدر مطلع لـ"اللواء" ان مشاركة لبنان في القمتين، فضلاً عن تأكيد الالتزام اللبناني بالإجماع العربي، والوقوف إلى جانب المملكة في الدفاع عن سيادتها، ضد الاعتداءات والمؤامرات التي تحاك ضد الدول العربية والإسلامية.
وقال المصدر: وهذه المشاركة، على الرغم من الطابع الاستثنائي للقمتين، على خلفية الاعتداءات والتهديدات الإيرانية والحوثية والارهابية ضد المملكة ودول الخليج، ستتيح المجال امام الرئيس الحريري ولبنان لإظهار قدرته على النهوض، وطلب مساعدة أشقائه، سواء في ما خصَّ احتضان استقراره، أو دعم المشاريع التي أقرها مؤتمر "سيدر" الذي عقد بمشاركة سعودية وخليجية.
وأشار المصدر إلى ان مشاركة لبنان كانت فرصة لإبلاغ المستثمرين العرب وأصدقاء لبنان ان إقرار الموازنة يُشكّل فرصة لإعادة العافية إلى الاقتصاد اللبناني.
وتوقع المصدر ان يلقى استقرار لبنان دعماً متجدداً من قبل أشقائه العرب، والدول الإسلامية في إطار منظمة التعاون الإسلامي، لتعزيز استقراره، ومتابعة برنامج "سيدر" وترسيم الحدود البحرية والبرية.
الموازنة لم تصل
وباستثناء وصول الرئيس الحريري ليل أمس إلى جدّة خلا المشهد السياسي اللبناني أمس، من أية تطورات، سواء تلك المتصلة باحالة مشروع موازنة العام 2019، على المجلس النيابي، أو مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية، مع إسرائيل مع عودة مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد إلى تل أبيب حاملاً الموقف اللبناني من الطرح الإسرائيلي الجديد.
إذ ان مشروع الموازنة لم يصل بعد إلى دوائر المجلس النيابي، حيث يخضع حالياً لطبع 128 نسخة منه في وزارة المال، لتوزيعها على النواب قبل 48 ساعة من موعد أي جلسة نيابية، وهذا ما يفسّر أسباب تريث رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان في دعوة اللجنة للاجتماع الاثنين المقبل.
لكن الرئيس نبيه برّي توقع عقد جلسة لجنة المال يوم الاثنين لدرس فذلكة الموازنة، على ان تعقد جلسات متتالية بعد عيد الفطر، مؤكدا ان المجلس سيقوم بواجباته ويمارس دورة كاملاً في درس الموازنة.
وقال في لقاء الأربعاء النيابي، ان النقاش مفتوح في اللجنة، ثم في الهيئة العامة للموازنة وبنودها وسيأخذ مداه، مشيراً في الوقت نفسه إلى انه أعطى توجيهاته من أجل ان تعقد لجنة المال أكثر من جلسة في اليوم.
ومن جهة ثانية، أكّد برّي ان المجلس النيابي قادر على عقد جلسات تشريعية ورقابية خلال مناقشة الموازنة في لجنة المال، متوقعاً عقد مثل هذه الجلسات خلال مُـدّة العقد الاستثنائي المفتوح حتى موعد الدورة العادية في تشرين المقبل.
وفي تقدير مصادر نيابية، ان إشارة الرئيس برّي إلى ان النقاش المفتوح للموازنة سيأخذ مداه في لجنة المال ثم في الهيئة العامة، يعني انه ليس من مهلة محددة له تنتهي في آخر شهر حزيران، حسب المرسوم الذي أجاز للحكومة جباية الواردات وصرف النفقات على أساس القاعدة الاثني عشرية، إذ ان بإمكان المجلس تعديل هذه المهلة عند الانتهاء من الموازنة، طالما هو سيّد نفسه، كما ان إشارة برّي إلى انه بالإمكان عقد جلسات تشريعية ورقابية، خلال درس الموازنة في لجنة المال، تنسجم مع ما تضمنه مرسوم فتح العقد الاستثنائي للمجلس والذي حدّد برنامج أعمال هذا العقد بمشروع الموازنة ومشاريع القوانين المحالة على المجلس أو التي ستحال عليه، وسائر مشاريع القوانين والاقتراحات والنصوص التي يُقرّر مكتب المجلس طرحها.
وذكرت مصادر لجنة المال لـ"اللواء" انها لا تستطيع من الآن إعطاء انطباع عن سير مناقشات اللجنة للموازنة قبل ان تتسلمها بصيغتها النهائية، خاصة بعد التعديلات والاضافات الواسعة التي جرت عليها.
وأكّدت المصادر ان كل الكتل النيابية لديها ملاحظات وتحفظات وربما اعتراضات كبيرة على مشروع الموازنة، وهي ستعبر عنها بالتأكيد في جلسات لجنة المال في الهيئة العامة، إلا انها اشارت إلى ان المجلس مقيد لجهة القدرة على تغيير أرقام في الموازنة من دون تأمين بدائل عنها بموجب قانون، كما انه لا يجوز تعديل ضريبة أو الغائها إلا بقانون، ولا يمكنه أيضاً زيادة الاعتمادات المقترحة عليه في مشروع الموازنة.
وكشف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عن اعتراض وزراء الحزب على فرض ضريبة2 في المائة على كل المستوردات من الخارج باستثناء الأدوية، معتبرا هذه الضريبة، بأنها ضريبة على القيمة المضافة في شكل مقنع، ستؤدي إلى اضعاف قدرة المواطن بأمواله وقيمته الشرائية، مشيرا إلى ان نواب الحزب سيعارضون هذا البند في مجلس النواب وسنحاول تجميع أكبر عدد من النواب الذين يوافقون على عدم تمرير هذه الضريبة.
وكشف الشيخ قاسم ايضا ان الحزب يعارض ايضا الضريبة على المعاش التقاعدي، لأن هذا المعاش خارج الضريبة بالاصل، وهو نتيجة تجميع من رواتب العاملين في القطاع العام والعسكر، وهو سيحاول تعديلها. الا ان قاسم خلص إلى ان الموازنة مقبولة لوقف النزيف.
وكان الرئيس ميشال عون اعرب عن أمله في ان يتم إقرار الموازنة في مجلس النواب في أسرع وقت، لافتا إلى ان عملية النهوض الاقتصادي انطلقت، وسيكون للبدء بالتنقيب عن النفط والغاز بداية العام المقبل، الأثر الإيجابي على الاقتصاد.
وفيما أشار إلى ان إقرار مجلس الوزراء لمشروع موازنة 2019 ترك ارتياحاً في الأسواق المالية، رأى ان تطبيق الإجراءات والتدابير المنصوص عنها في الموازنة الجديدة من شأنه خفض العجز والتأسيس لموازنة العام 2020، حيث سيباشر الوزراء رفع موازناتهم إلى وزير المالية للمباشرة بدرسها واحالتها ضمن المهلة الدستورية الى مجلس النواب.
وأكّد عون خلال استقباله الهيئة الإدارية الجديدة لجمعية تجار جونية وكسروان- الفتوح، ان مشروع موازنة 2019 يتضمن إجراءات تُعزّز قطاعات الإنتاج في لبنان، لا سيما الصناعة والزراعة بهدف الانتقال المتدرج إلى الاقتصاد الإنتاجي بدل الاقتصاد الريعي الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة.
"القوات" و"التيار"
وفي سياق متصل، تفاعلت أمس الحرب الكلامية بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" على خلفية ملفات الموازنة وأموال المهجرين التي نبشت قبور الماضي، وسط معلومات عن وساطات بذلت لوقف السجالات واعادة المياه إلى مجاريها لكنها باءت في الفشل.
ومن ضمن هذه المحاولات الموقف الذي أعلنه رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، حيث أكّد بعد الاجتماع الدوري لكتلة "الجمهورية القوية" بأن "آخر ما نريده ان نخلق إشكالية مع "التيار الوطني الحر"، مشيرا الىانه "لو أردنا هذا الأمر ما كنا دعمنا وصول الرئيس عون إلى الرئاسة"، لكنه ردّ على وزير المهجرين غسّان عطالله، من ان "القوات" هجرت مسيحيي الجبل، مؤكدا ان ما من عاقل يمكنه ان يصدق هذا الأمر، لافتا إلى ان هناك أماكن لا نريد ان نتجه إليها، ولكن إن اجبرونا سنتجه ونقول الحقائق كما هي. وتمنى على رئيس التيار الوزير جبران باسيل ان يعطي تعليماته ليكون الجواب على قدر السؤال وعدم نبش الماضي.
وقال: "إذا أرادوا ان نتحدث بالحرب فنحن من نملك أسرار الحرب فلا "تزكزكونا" والا ستسمعون الجواب"، إلا انه استدرك قائلاً: "نحن لم ننجز مصالحة مع التيار لنعود عنها، ولكن إذا هاجمنا أحد سنرد عليه".
وكان سبق موقف جعجع، مؤتمر صحافي عقده وزير المهجرين في الوزارة، ردّ فيه على زميله وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، حول رصد مبلغ 40 مليار ليرة في موازنة وزارة المهجرين، محذراً من عرقلة خطة عودة المهجرين، منتقداً الطريقة الممنهجة التي خيضت التدخلات وكأن هناك سرقة موصوفة تحصل وكأن فساد الدولة كلّه تبين الآن.
وقال كان بالحري بمن يسأل اليوم ان يقف الى جانب المهجرين على الأقل منذ العام 2005، وكان الأحرى به ان يطالب بحقوقهم بدل ان يستغرب اليوم أين ستذهب الأربعين مليارا، علماً ان هذا المبلغ كان يدرج في كل موازنة بشكل طبيعي، من أجل قيام الصندوق بعمله الطبيعي.
ورد الوزير قيومجيان على عطالله، وقال عبر حسابه على "تويتر": "لن اجادل غسّان عطالله في اصراره على نبش القبور، وعسى ان يدفن موتى العقول احقادهم رأفة بالشعب اللبناني".
مهمة ساترفيلد
اما بالنسبة لتحرك المفاوض الأميركي ساترفيلد، على صعيد مهمته المتعلقة حصراً بترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل، فقد أوضح الرئيس برّي، في لقاء الأربعاء النيابي ان "الموضوع ليس ترسيم الحدود فحسب بل تثبيت الترسيم"، مشيراً إلى ان "الورقة اللبنانية الموحدة شكلت الضمان في هذه العملية، وليس في إمكان لبنان التنازل عن أي شيء فيها".
وأوضح ان الموقف الرسمي هو ان لبنان ضد تحديد مُـدّة للمفاوضات في هذا الشأن، مؤكداً ان "لبنان يتعامل بكل دقة وانتباه مع هذه المسألة".
يُشار الى ان ساترفيلد انتقل أمس إلى فلسطين المحتلة، ناقلاً الموقف اللبناني حيال تلازم ترسيم البر مع البحر في آن معا خلافا للموقف الاسرائيلي، ورفض جعل مدة المفاوضات محدودة بستة اشهر، اضافة الى بعض التفاصيل اللوجستية والتقنية المتعلقة بمكان المفاوضات والحضور ومستوى التمثيل. ويفترض ان يعود الى بيروت حاملا اجوبة اسرائيلية.
لكن مصادر رسمية اكدت لـ"اللواء" انه الى جانب بت الامور التقنية واللوجستية، هناك ضرورة رسمية لصدور تكليف رسمي لقوات "اليونيفيل" برعاية مفاوضات ترسيم الحدود سواء من مجلس الامن الدولي او الامين العام للامم المتحدة، لان مهمة "اليونيفيل" محصورة بموجب التكليف الرسمي لها بتطبيق القرار الدولي 1701 ورعاية مفاوضات تتعلق به فقط.
واوضحت المصادر ان هذا التكليف يمكن ان يصدر في اي وقت بعد انجاز ساترفيلد صيغة تفاهم على كل ما يتعلق بانطلاق المفاوضات.
صحيفة الشرق:
لا سقف زمنيا لمفاوضات الترسيم
بين النفط والغاز وترسيم الحدود مع اسرائيل وبين انتظار موعد فتح ابواب القاعة العامة في المجلس النيابي لدراسة مشروع موازنة العام 2019، وعلى هامشها السخونة.
السياسية المرتفعة بين معراب وميرنا الشالوحي تنقلت الاهتمامات السياسية اللبنانية، وتسلط الاضواء اعتبارا من اليوم على المملكة العربية السعودية التي يتوجه اليها رئيس الحكومة سعد الحريري لتمثيل لبنان في القمتين العربية والإسلامية لمواجهة تحديات التدخل الإيراني والاعتداءات على المملكة العربية السعودية وأوضاع المنطقة. على ان يعقد لقاءات مع قادة بعض الدول تتناول الأوضاع في لبنان، في ضوء اقرار الموازنة والمساعدات المرتقبة.
وفي وقت يستعد مجلس النواب لورشة درس الموازنة، اعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن امله في ان يتم اقرار الموازنة في مجلس النواب في اسرع وقت، لافتاً الى ان عملية النهوض الاقتصادي انطلقت وسيكون للبدء بالتنقيب عن النفط والغاز بداية العام المقبل الاثر الايجابي على الاقتصاد الوطني..
في الاثناء، يتريث رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان في دعوة اللجنة الاثنين، بانتظار وصول الفذلكة مع 128 نسخة مطبوعة من مشروع الموازنة الى المجلس النيابي لتوزيعها على النواب قبل 48 ساعة من موعد الجلسة.
وسط هذه الاجواء، اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الاربعاء النيابي، ان المجلس سيقوم بواجباته ويمارس دوره كاملاً في درس الموازنة التي يجري طبع 128 نسخة عنها لتوزيعها على النواب، وتوقع عقد جلسة للجنة المال يوم الاثنين المقبل لدرس فذلكة الموازنة، على ان تعقد اللجنة جلساتها المتتالية بعد العيد. وقال ان النقاش مفتوح في اللجنة ثم في الهئية العامة للموازنة وبنودها وسيأخذ مداه، مشيراً في الوقت نفسه الى انه اعطى توجيهاته من اجل ان تعقد لجنة المال اكثر من جلسة في اليوم. واكد الرئيس بري من جهة اخرى ان المجلس النيابي قادر على عقد جلسات تشريعية ورقابية خلال مناقشة الموازنة في لجنة المال، متوقعاً عقد مثل هذه الجلسات.
على صعيد آخر، تناول الرئيس بري آخر ما يتعلق بتحرك مساعد وزير الخارجية الاميركية السفير دايفيد ساترفيلد الذي غادر بيروت، فأوضح ان الموضوع ليس ترسيم الحدود فحسب بل تثبيت الترسيم. وقال ان الورقة اللبنانية الموحدة شكلت وتشكل الضمانة في هذه العملية، وانه ليس بإمكان لبنان التنازل عن أي شيء فيها. واوضح ايضاً ان الموقف الرسمي هو ان لبنان ضد تحديد مدة للمفاوضات في هذا الشأن، مؤكداً ان لبنان يتعامل بكل دقة وانتباه مع هذه المسألة.
في السياق، نقل زوار عين التينة عن الرئيس بري قوله "ان ما حققته وساطة ساترفيلد مجرد ايجابيات لا تغني من جوع فالرجل حتى الآن لايزال في موضع التساؤل والافتراض. اما الحديث عن شكل الوفد اللبناني المفترض لاجراء المفاوضات فمبكر جدا وقبل هذا وذاك على اسرائيل التجاوب او الاعتراف بالطرح اللبناني او الآلية التي تتضمن عدة نقاط او شروط والاساس النقطة "المعروفة برأس الناقورة والتي يعيد الترسيم على اساسها ما تحتله اسرائيل وتدعي ملكيتها له برا وبحرا اضافة الى ان لبنان يشترط ايضا الا تتعدى المحادثات التي ستجري برعاية الامم المتحدة ووساطة اميركية اطارها لتتحول في ما بعد الى عملية تفاوض مباشر بين لبنان واسرائيل".
وامس اشتدت السخونة الكلامية بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر على خلفية ملفات الموازنة وأموال المهجرين التي نبشت قبور الماضي، ونكأت جراحه، ووسط معلومات عن وساطات بُذلت لوقف السجالات واعادة المياه الى مجاريها تبدو باءت بالفشل وبالعودة الى الموازنة، عقدت الجمعية العامة للقضاة اجتماعا اليوم، غداة دعوتهم من قبل رئيس الجمهورية الى فك اضرابهم، انتهى من دون اتخاذ اي قرار بخصوص تعليق الاعتكاف، ما يعني تاليا انه مستمر في ظل عدم صدور أي بوادر إيجابية من السلطتين التشريعية والتنفيذية تجاه مطالب القضاة التي يعبر عنها هؤلاء في جمعياتهم العامة.
صحيفة الجمهورية:
ترقُّب دولي لإثبات مصداقية الموازنة... ولبنان أمام معركة صعبة لتثبيت حدوده
المنطقة تشهد حراكاً على أكثر من خط، وسط تزايد وتيرة التصعيد بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران، الذي بلغ في الساعات الاخيرة ذروته في التوتر، بعد الاتهامات التي أطلقتها واشنطن ضد طهران باستخدامها ألغاماً بحرية ضد السفن التجارية قبالة ساحل دولة الامارات العربية المتحدة. في وقت تُعقد في مكّة اليوم ثلاث قمم عربية وإسلامية وخليجية لبحث التوتر المتزايد في المنطقة، والتهديد الإيراني على دول الخليج، وخصوصاً بعد استهداف منشآت نفطية سعودية.
لبنان يتابع هذا الحراك، وسيكون حاضراً في مكّة اليوم، بوفد يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي غادر بيروت برفقة الوزيرين وائل ابو فاعور وجمال الجراح، حيث عُلم انّ الحريري سيمضي إجازة عيد الفطر مع عائلته في الرياض. امّا على الخط الآخر، فيبدو انّ معركة لبنان لتثبيت حدوده البرية والبحرية الجنوبية وما تكتنزه مياهه من ثروات نفطية وغازية، التي انطلقت مع بدء الوساطة الأميركية لحلّ النزاع القائم بين لبنان واسرائيل، لن تكون سهلة، بالنظر الى حجم التعقيدات التي تعتريها، وعدم الثقة بالليونة الإسرائيلية التي عبّرت عنها تل ابيب لمساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد ساترفيلد.
مرحلة مراوحة
في معلومات "الجمهورية"، انّ المفاوضات الحدودية بين لبنان وإسرائيل يبدو انّها ستدخل في مرحلة مراوحة، بعد الزخم الذي تحقّق في الأسبوعين الماضيين. فالتقدّم الأساسي تحقّق في أربع نقاط هي:
- توازي ترسيم الحدود البرية والبحرية.
- مشاركة الجانب الأميركي في المفاوضات كطرف مشارك وراعٍ.
- تجاوب إسرائيل المبدئي حيال نقاط برية.
- إرجاء فتح ملف مزارع شبعا الملتبس لبنانياً وإسرائيلياً وسورياً (عدد الجمهوريّة 27 أيار).
بحسب المعلومات، انّ المبعوث الأميركي دايفيد ساترفيلد، المصمّم على مواصلة مهامه، بدا في جولته الأخيرة على المسؤولين اللبنانيين حذرًا لناحية استمرار الإيجابية الإسرائيلية من دون شروط سياسية.
وأشارت المعلومات، إلى أنّ "الفرملة" ظهرت لدى البحث في التفاصيل، لاسيما في ما خصّ الحدود البحرية، حيث أنّ المفاوضات بشأنها أقل سلاسة من تلك المرتبطة بالحدود البرية. ودعا ساترفيلد، حسب أحد المتصلين به في الساعات الماضية، إلى "المحافظة على الأمل من دون المبالغة في التفاؤل، لأنّ التقدّم لا يعني أننا توصلنا إلى اتفاق".
إشكالية المِهَل
وقد غادر المبعوث الأميركي ساترفيلد بيروت ليل أمس الأول. وتتوقف عودته إليها على نوعية أجوبة الجانب الإسرائيلي. فإذا كانت جيدة سيعود، وإلّا سيبلغها إلى السفارة الأميركية في بيروت لتنقلها إلى الخارجية اللبنانية والرئيسين نبيه بري وسعد الحريري. والواضح، انّ ما يهمّ ساترفيلد هو أن تبدأ أولى اجتماعات اللجنة المشتركة، لأنّ انطلاقتها هو دليل جدّية ويقلّل من نسب المناورات.
في هذا الإطار، استغربت مصادر ديبلوماسية كيف أنّ لبنان، الذي يريد الإسراع في المفاوضات، يرفض السقف الزمني المُقترَح (6 أشهر) لإنهاء المفاوضات، ويُفضّل أن تبقى المفاوضات دون تحديد مهلة زمنية؟
غير انّ مصدراً لبنانياً رسمياً قال، إنّ إسرائيل تريد استعجال الاتفاق من أجل البدء في تلزيم حقول النفظ والغاز في منطقة الحدود المُتنازع عليها، لأنّها وجدت أنّ بعض الشركات الدولية تتردّد في خوض غمار التنقيب قبل حسم هذه الحدود، كي لا تتعرّض لارتدادات أمنية.
حنين إلى 17 أيار
وعلمت "الجمهورية"، أنّ الجانب اللبناني يتوجس من أن تستغل إسرائيل هذه المفاوضات التقنية فتحوّلها مفاوضات سياسية على غرار مفاوضات 17 أيار، بحيث تنتهي إلى اتفاق سلام ثنائي، عوض أن تظل تفاهمًا أمنيًّا يكمّل القرار 1701.
ومن المؤشرات الى ذلك، إثارةُ إسرائيل المواضيع الإشكالية التالية:
أولاً، السعي إلى أن تُعقد جلسات المفاوضات مداورة في الأراضي اللبنانية والإسرائيلية، في حين أنّ لبنان يصرّ على أن تُعقد في الناقورة في مكاتب القوات الدولية.
ثانياً، العمل على أن يكون الجانب الأميركي هو الوسيط الأساسي المفاوض وليس ممثل الأمم المتحدة.
ثالثاً، إشراك ديبلوماسيين، إلى جانب العسكريين، في الوفدين اللبناني والإسرائيلي.
رابعاً، تحويل مضمون القرار 1701 من قرار يرعى "وقف الاعتداءات"، كما هو منصوص عليه سنة 2006، إلى قرار يرعى السلام بين لبنان واسرائيل.
خامساً، المطالبة بتحديد مصير سلاح "حزب الله" في الجنوب بعد الاتفاق على ترسيم الحدود، والإصرار على سلطة القوات الدولية والجيش اللبناني فقط.
الدور الشيعي والتصميم الأميركي
في هذا الإطار، يعتقد الجانب اللبناني أنّ هذه المواقف الإسرائيلية هي مواقف السقف العالي الموضوع للمناورة قبل التفاوض الجدّي. وانّ إسرائيل ستعود عن عدد من هذه النقاط لدى بدء المحادثات الجدّية. لكن الجانبين الأميركي والإسرائيلي، يخشيان أن تُقدم أطراف لبنانية على ربط المفاوضات حول الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية بمصير التسوية في سوريا والدور الإيراني هناك.
ومساء أمس، قال مسؤول مطلَّع على مجرى المحادثات، إنّ سوريا حالت آنذاك دون الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني عام 1996 وأخّرته إلى العام 2000، لأنّها ربطت ذاك الانسحاب بمفاوضاتها مع إسرائيل حول الجولان وحدود الرابع أو الخامس من حزيران 1967.
وأضاف هذا المسؤول، انّ المفاوضات الحالية حول الحدود البرية والبحرية تجري ظاهريّاً مع الدولة اللبنانية، لكنها عمليًّا تجري بين إسرائيل والمرجعيات الشيعية من خلال الرئيس بري، الذي أظهر حنكة في التفاوض مع دايفيد ساترفيلد ومرونة من دون المس بالثوابت.
وأكّدت مصادر ديبلوماسية لـ"الجمهوريّة"، أنّ واشنطن عازمة على مواجهة الصعوبات التي تعترض هذه المفاوضات، لأنّها تريد حذف جبهة من الجبهات القابلة للاشتعال في المنطقة وحماية استقرار لبنان.
بري
في هذا الوقت، تناول الرئيس بري مهمة ساترفيلد امام نواب الاربعاء امس، وقال: "الموضوع ليس ترسيم الحدود فحسب بل تثبيت الترسيم. وانّ الورقة اللبنانية الموحّدة شكّلت وتشكّل الضمانة في هذه العملية، وانه ليس بإمكان لبنان التنازل عن أي شيء فيها". وأوضح ايضاً، "انّ الموقف الرسمي هو انّ لبنان ضد تحديد مدة للمفاوضات في هذا الشأن"، مؤكّداً على انّه يجري التعامل بكل دقّة وانتباه مع هذه المسألة.
الموازنة
في هذا الوقت، كان لبنان يرصد ردود الفعل الدولية على إقرار الموازنة لمعرفة ما إذا كان سيتقبّل التهاني أو سيحصد الانتقادات. وتبيّن أنّ تقييم مواقف الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية لمشروع الموازنة الذي يُنتظر إقراره في المجلس النيابي، لا يختلف عن تقييم الداخل اللبناني، أي الترحيب بوضع الموازنة مع إبداء تحفظات على نوعية التدابير المتخذة. فالدول المشاركة في مؤتمر "سيدر" تعتبر الموازنة بداية التغيير وليست آخره، وتبدي شكوكًا في قدرة الدولة على تحقيق الإيرادات.
وأعرب سفير إحدى الدول المعنية بالوضع اللبناني عن أسفه لكون الموازنة "مّرت بمحاذاة الإصلاح، إذ لم تلامس مكامن الهدر والفساد، ولم تُقرّ عددًا من التوصيات الواردة في مؤتمر سيدر". لكنه أضاف: "لا نستطيع إلّا أن نرحّب بما أُنجز على أمل المزيد".
وذكرت مصادر ديبلوماسية، أنّ المهمة الأصعب ستكون لدى انكباب مؤتمر "سيدر" على اختيار المشاريع لتمويلها، حيث أنّ هناك خلافاً لبنانياً حيال أولويات هذه المشاريع. كما أنّ الدول المانحة مصرّة على مواكبة ومراقبة كل المناقصات التي ستحصل في إطار تنفيذ المشاريع، لأنّ هذه الدول لا ثقة لها "بالآليات اللبنانية".
وتمنّت هذه المصادر لو أنّ المجلس النيابي يحسِّن هذه الموازنة لدى مناقشتها، ويضيف عليها بعض القرارات الجريئة.
وفي السياق أيضاً، أعلن الرئيس بري انّ المجلس سيقوم بواجباته ويمارس دوره كاملاً في درس الموازنة التي يجري طبع 128 نسخة عنها لتوزيعها على النواب. وتوقّع عقد جلسة للجنة المال يوم الاثنين المقبل لدرس فذلكة الموازنة، على ان تعقد اللجنة جلساتها المتتالية بعد العيد. وقال، انّ النقاش مفتوح، في اللجنة ثم في الهيئة العامة، للموازنة وبنودها وسيأخذ مداه، مشيراً في الوقت نفسه الى انّه اعطى توجيهاته من أجل ان تعقد لجنة المال اكثر من جلسة في اليوم. واكّد الرئيس بري من جهة اخرى، انّ المجلس النيابي قادر على عقد جلسات تشريعية ورقابية خلال مناقشة الموازنة في لجنة المال، متوقعاً عقد مثل هذه الجلسات.
صحيفة الأخبار:
من يرمي الجيش في الحضن الأميركي؟
تصرّ السلطة السياسية على دفع الجيش إلى الاعتماد على التسليح الأميركي حصراً. هذه السياسة الاتكالية الواضحة، تضع الجيش مستقبلاً أمام خطر الصدام مع الخيارات الأميركية، التي تراهن دائماً إما على صراع مع المقاومة اللبنانية أو على الأقل على تشكيل توازن بين سلاح المقاومة وسلاح الجيش
منذ سنوات، على الأقل منذ ما بعد معركة مخيم نهر البارد عام 2007، يتعامل الأميركيون مع الجيش اللبناني على أنه جزء من منظومة حلف "الناتو". ولا يلام الأميركيون في سعيهم لبناء شراكات مع جيوش صغيرة من "دول العالم الثالث"، في استراتيجيتهم الواضحة للهيمنة على العالم ومحاولات احتواء التمدد الروسي والصيني.
غير أن الاهتمام الزائد لوزارة الدفاع الأميركية بدعم الجيش اللبناني، يدفع إلى التساؤل عن أسباب هذا "السخاء"، والنتائج المرجوّة منه في السنوات المقبلة.
أما الأكثر غرابةً، فهو التسليم اللبناني الرسمي والسياسي، بـ"اتكالية" لبنان على المانح الأميركي، وحلفائه بدرجة أقل، كالبريطانيين ثم الألمان، مع ما يعنيه الأمر من انعكاس على واقع الجيش ودوره، في ظلّ موقع لبنان في الصراع مع العدو الإسرائيلي والحرص الأميركي المطلق على مصلحة إسرائيل.
ولكي تكتمل الصورة، شاءت الحكومة من دون اعتراض جدي لأيٍّ من الأفرقاء السياسيين، أو حتى من المؤسسة العسكرية، أن تُخرج النسخة الأخيرة من موازنة عام 2019 من دون بند تسليح الجيش، كجزء من الخطة الخمسية التي أُقرَّت قبل عامين بعد مؤتمر روما. ومع الحجّة القائلة بأن الموازنة لن تخدم إلا لنصف عام، وأن جزءاً من أموال تسليح الجيش دفعت في عام 2019، إلّا أن السلطة تستسهل أصلاً الاتكال على المسلِّح الأميركي، مع قلة اكتراث، شكليّاً على الأقل، بصورة المؤسسة العسكرية كحامٍ مستقل للسيادة والمصالح اللبنانية.
شكّلت معركة نهر البارد محطّة مفصلية في التحوّل الأميركي تجاه العلاقة مع الجيش اللبناني. فتاريخياً، كان الاعتماد اللبناني على فرنسا كمصدر أوّل للتسليح والعلاقة الاستراتيجية، حتى جاء عهد الرئيس أمين الجميّل ومدير الاستخبارات جوني عبدو. وُضع الجيش عندها في "العهدة الأميركية" تسليحاً وتدريباً وتنظيماً، وجرت إعادة هيكلة الأفواج والألوية خارج النطاق الجغرافي الذي كان يعمل به سابقاً. وفي زمن الوجود السوري في لبنان، لم تنقطع العلاقة العسكرية اللبنانية - الأميركية، وبقي مكتب التنسيق العسكري ناشطاً في وزارة الدفاع. ومع الخروج السوري من لبنان، وصدور القرار 1701 بعد عدوان تموز 2006، بدأ الاهتمام الأميركي بالجيش يتزايد، حتى دخل مرحلته الجديدة بعد أشهر على انتهاء معارك البارد. اللافت خلال معركة البارد، أن الأميركيين وقفوا على الحياد، لا بل امتنعوا عن تزويد الجيش بالسلاح، ولم يقدّموا حتى مجموعة من القناصات طلبها الجيش آنذاك، كان يحتاجها ضد عصابات "فتح الإسلام"، قبل أن تعود فرنسا وتقدم عدداً منها، بالإضافة إلى أعداد من الصواريخ والقنابل عبر الإمارات العربية المتحدة. فيما التزمت سوريا مدّ الجيش بآلاف الذخائر والقذائف وقطع غيار الآليات.
ولعلّ الاستنتاج بصعوبة القضاء على المقاومة في حرب تقليدية بعد فشل تجربة حرب تمّوز، أو عبر تشكيل قوى مسلّحة مناوئة كتجربة انقلاب 5 أيار 2008 الفاشل، دفع الأميركيين إلى اعتماد استراتيجية جديدة، بدعم القوى النظامية في الداخل، كالجيش وقوى الأمن الداخلي، بهدف تشكيل توازن مع قوة المقاومة.
ويؤكّد أكثر من ضابط تولوا سابقاً مناصب قيادية في الجيش أن "الأميركيين يعتبرون دعم الجيش اللبناني وتمتين العلاقة معه جزءاً من استراتيجيتهم في الشرق الأوسط، كما اعتبار لبنان موطئ قدم مهم على ساحل المتوسط". ويضيف أحد قادة الجيش السابقين أنه "في اعتقاد الأميركيين، تقوية بعض مؤسسات الدولة اللبنانية، وعلى رأسها الجيش، من ضمن استراتيجية بعيدة المدى، كفيلة بتفكيك الواقع الذي نشأ بعد اتفاق الطائف، والذي نتج منه تحوّل سلاح المقاومة إلى حالة شرعية متزاوجة مع مؤسسات الدولة العسكرية".
وهذه الاستراتيجية، أي تشكيل قوّة التوازن، لا يخفيها الأميركيون أنفسهم. لا بل أكثر من ذلك، في اعتقادهم، على ما يؤكّد أكثر من مصدر لبناني مقرّب من الأميركيين، أن "حزب الله يشعر بالتهديد مع ازدياد قوّة الجيش، ومستقبلاً سيخسر جزءاً من تأييد اللبنانيين عندما يظهر الجيش بمظهر القوّة، وعندها يصبح سلاح الحزب الذي تعاظم في لحظة ضعف الدولة، من دون مبرّر".
الرهان الأميركي من جهة، وحاجة الجيش اللبناني إلى السلاح من جهة أخرى، لا يغيران الواقع الحالي بالتزام جميع الكتل السياسية الأساسية في البلاد، على الأقل في البيانات الوزارية، التمسّك بسلاح المقاومة وضرورة بقائه جزءاً من أي استراتيجية دفاعية، حالية غائبة أو مستقبلية غير واضحة المعالم. إلّا أن التعاون العسكري الأميركي - اللبناني، والتسليم اللبناني بأحادية التسليح، باتا يرسمان سياسات جديدة في آلية عمل الجيش عبر أشكال إجرائية، تهدف إلى تغيير المناخ الذي ساد بشكل عام منذ اتفاق الطائف، على الرغم من التناقض القائم بين أهداف القيّمين على المؤسسة العسكرية حالياً، وتحديداً العماد جوزف عون ومعهم الرئيس ميشال عون وبين الأهداف الأميركية التي يُقدَّم الدعم إلى المؤسسة العسكرية على أساسها.
فالعنوان العام الذي يقوم عليه هذا الدعم، ينقسم إلى جزءَين: مساعدة الجيش على تطبيق القرار 1701، ومكافحة الإرهاب، من دون أي ذكرٍ للخطر الحقيقي الوحيد الآن (بعد اندحار الإرهاب) على لبنان وهو الأطماع الإسرائيلية. وعلى هذا الأساس، ينخرط الجيش في ورشة السيطرة على الحدود البرية عبر استحداث أفواج الحدود البرية (المنطق اللبناني اقتصادي لمكافحة التهريب وللحد من تهريب البشر، بينما المنطق الأميركي قائم على قطع التواصل مع سوريا)، والعمل على رفع عدد جنوده في منطقة جنوب الليطاني (بحسب القرار 1701، يصل عديد الجيش إلى 15 ألف جندي، ويجري العمل الآن على إنشاء "الفوج النموذجي" للحدود الجنوبية)، وعلى تدريب القوات وإعداد الخطط والمناورات التي تتعامل مع مكافحة الإرهاب كخطرٍ وحيد.
ومما لا شكّ فيه، أن التعاون الدائم مع قوات غربية، وتحديداً أميركية، في المناورات العسكرية، يحدّ من قدرة الجيش على القيام بأي مناورة تحاكي عدواناً إسرائيلياً على لبنان، على غرار المناورات الدائمة التي يجريها للتعامل مع الأخطار الإرهابية، كما كانت الحال عليه قبل 2005. فضلاً، عن أن الجيش لم يزوّد بأي سلاح يمكّنه من مواجهة السلاح الإسرائيلي، ولا يبدو أن في السلطة الحاكمة، من يفكّر فعلاً في تأمين مصادر تمويل أو تسليح جديّة تمنح الجيش قوّة على الأقل دفاعية في مواجهة العدو الإسرائيلي. ومع ذلك، تتنطّح بعض القوى في السلطة للمطالبة بسحب سلاح المقاومة، أو بالقول إن الجيش بات قويّاً بما يكفي للاستغناء عن سلاح حزب الله. في المقابل، يفتح حزب الله الباب أمام نقاش الغاية من سلاحه كما أبدى تعاونه في كل جلسات الحوار التي عقدت على مدار سنوات.
ويبدو لافتاً في الآونة الأخيرة، التركيز الغربي الدائم على الاستراتيجية الدفاعية، من خلفية إحراج الرئيس عون وحزب الله سياسيّاً، ووضع سلاح الحزب على طاولة التفاوض اللبنانية. علماً بأن الاستراتيجية القائمة حالياً، وبالبديهة السياسية، أي ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، هي التي أمّنت الانتصار في عدوان تمّوز، وهي كفيلة في أي حرب مقبلة بصدّ العدوان على لبنان. غير أن مصدراً لبنانياً مقرّباً من الأميركيين، يشرح خلفية الإصرار على الاستراتيجية الدفاعية، كواحدة من آليات الضغط على حزب الله لإرغامه على البحث عن تسوية لسلاحه ومقاتليه ودوره في الساحة اللبنانية عموماً، من ضمن صيغة لـ"حلّ نهائي شامل" في المنطقة على وقع "صفقة القرن" والضغوط على إيران وسوريا.
الجيش لبومبيو: لن نواجه حزب الله
تعي قيادة الجيش أن في الإدارة الأميركية اليوم من يعوّل على صدام، ولو محدوداً، بين الجيش اللبناني وحزب الله في المستقبل. إلّا أن مصادر عسكرية رفيعة المستوى، تؤكّد لـ"الأخبار" أن أحداً من العسكريين الأميركيين لم يطرح منذ تولّي العماد جوزف عون قيادة الجيش أي فكرة من هذا النوع. بل على العكس، يؤكّد المصدر أن عون، في زياراته الأربع للولايات المتحدة الأميركية، منذ توليه القيادة، يكرّر على مسامع الأميركيين أن "حزب الله مكوّن لبناني أساسي وأن الاتفاق السياسي في البلاد هو على اعتبار السلاح سلاحاً للدفاع عن لبنان بوجه العدوان الإسرائيلي". ويضيف المصدر أن "عون كان واضحاً في الاجتماع الذي عقد في وزارة الدفاع مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بالتأكيد أن الصدام بين الجيش وحزب الله غير وارد، وأن ما من عاقل في لبنان يكرّر تجربة الحرب الأهلية". ويضيف المصدر أن "أجواء وزارة الدفاع الأميركية مغايرة تماماً لتلك التصريحات التي يطلقها المسؤولون الحاليون في الإدارة الأميركية، واللقاءات بين الجيش والعسكريين الأميركيين تنحصر في مهمات مكافحة الإرهاب". وفي السابق، وخاصة بعد معركة عرسال (اجتياح الجماعات الإرهابية للبلدة وخطف العسكريين عام 2014)، كان قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي ومدير الاستخبارات كميل ضاهر، يؤكدان للعسكريين الأميركيين وجود تنسيق بين الجيش وحزب الله في قتال الجماعات الإرهابية، ولم يكن الأميركيون يعترضون. على العكس من ذلك، كانوا يقولون إنهم يتفهّمون الوقائع اللبنانية. ففي هذا المجال تحديداً، لا يخاطب الأميركيون الجيش إلا بـ"نعومة مفرطة". غضبهم العاري يظهر عندما يُطلق جندي لبناني طلقة واحدة باتجاه جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتكون هذه الطلقة من ضمن المساعدات الأميركية، تماماً كما حصل يوم اشتباك العديسة في آب 2010. هذا الغضب هو النتيجة "الطبيعية" لـ"احتكار التسليح".
99 مليون دولار (فقط لا غير) سنوياً
تراوح قيمة الدعم الأميركي للجيش سنوياً بين 120 و180 مليون دولار أميركي، على شكل مساعدات عسكرية متنوّعة وبرامج تدريب. وبحسب مصادر معنيّة، وبحسب الأرقام المعلنة من قبل الأميركيين، يبلغ الدعم المقدَّم إلى الجيش بين العامين 2006 و2018 نحو مليار و280 مليون دولار، أي بمعدّل أقل من 99 مليون دولار سنوياً.
هذه المبالغ تحوّلها وزارة الدفاع الأميركية إلى حساب صندوق خاص للجيش اللبناني، الذي يختار حاجاته من الأسلحة، طبعاً ضمن اللوائح المقبولة أميركياً، وتسدّد وزارة الدفاع الأميركية ثمنها لشركات السلاح من الصندوق المخصص للجيش.
وتنقسم آليات الدعم الأميركي على خمسة برامج، معظمها يُموَّل من موازنة وزارة الدفاع الأميركية بعد إقرارها في الكونغرس، بالإضافة إلى برامج التدريب. وعبر هذه البرامج، يحصل الجيش على قدرات مختلفة للقوات البرية والجوية والبحرية، وعلى تعزيز قدرات تتعلّق الدعم بالنيران والمناورة والقتال للقوات البرية ومضاد الدبابات والدعم الجوي القريب والاستطلاع والدعم اللوجستي وأمن ومراقبة الحدود.
وعبر برنامجي دعم للقوات الحليفة، حصل الجيش في عام 2018 على دعم بلغ 180 مليون دولار، ومن المقرّر أن يحصل هذا العام على دعم بقيمة 104 ملايين دولار. وتسلّم الجيش خلال السنوات الماضية ما مقداره 12 طوافة HUEY TWO و13 طائرة CESSNA وعدداً من صواريخ HELLFIRE وصواريخ COPPERHEAD M712 ومنظومات طائرات من دون طيار. ومن المتوقع أن يزوّد الجيش بطوافات قتالية في عام 2021. وفي المعدات البرية، تسلّم الجيش عدداً من المدرعات من الجيل الثالث وصواريخ مضادة للدروع، وللقوات البحرية 26 قارب اعتراض للتدخل السريع، و"قناص طرابلس"، وهو أكبر قطعة بحرية لدى القوات البحرية بطول 42 متراً، وكلفته نحو 40 مليون دولار أميركي.
اللافت في الأمر، أن الدعم الأميركي، على رغم تأمينه جزءاً كبيراً من حاجات الجيش لمهمات مكافحة الإرهاب والسيطرة على الحدود وفرض الأمن في البلاد، يجري بمبالغ تُعد بسيطة بمقاييس الموازنة العامة (99 مليون دولار سنوياً، أي أقل من الزيادة التي طرأت العام الماضي على النفقات التشغيلية لشركتي الهاتف الخلوي، بقرار من وزير الاتصالات)، ويمكن الدولة اللبنانية أن تؤمّنها من واردات داخلية شتى، لتحصين الجيش من الوقوع في فخّ التسليح الأوحد.
المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع لبنان 360 بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك