
صحيفة النهار:
تحذير أميركي مباشر من “استغلال” قبرشمون
"لم يكن البيان المقتضب الذي أصدرته أمس السفارة الاميركية في بيروت حول ملف حادث قبرشمون تطوراً عادياً مألوفاً بل اكتسب دلالات استثنائية نظراً الى ان هذا البيان في الشكل والمضمون عكس خروج التداعيات السياسية والقضائية للحادث عن اطارها الداخلي الصرف للمرة الاولى ليدفع بسفارة الدولة الاقوى في العالم الى تناوله كموضوع خاص بذاته يعني واشنطن ويسوغ لها اتخاذ موقف منه حتى لو عدّ الامر تدخلاً أميركياً في شأن داخلي لبناني.
وتبين ان بيان السفارة الاميركية الذي فاجأ المسؤولين بصدوره، لم يفاجئ بعضهم بمضمونه لانهم سبق ان اطلعوا من السفيرة الاميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد قبل فترة من خلال لقاءاتها معهم على الموقف الاميركي من تداعيات حادث قبرشمون بما شكل رسائل واضحة الى المسؤولين عن الاهمية التي تواكب عبرها السفارة الاميركية هذا التطور ضمن اطار الاولويات التي تضعها واشنطن حالياً للواقع اللبناني داخليا وخارجياً. وهو امر يعتبر مؤشراً بارزاً للاهتمام الاميركي ببعض الملفات الحيوية في لبنان.كما ان الدلالة الابرز التي اكتسبها البيان تمثلت في التشديد على ضرورة تجنب استغلال الحادث لاهداف سياسية بما يعني ضمناً التحذير من تسييس القضاء وهو تطور لا يمكن تجاهل تأثيره في مجريات الاحتدام الداخلي الناشئ عن تصاعد المواجهة بين العهد والحزب التقدمي الاشتراكي.
وقد اصدرت السفارة بيانها بعد ظهر أمس وجاء فيه: “تدعم الولايات المتحدة المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخل سياسي. إن أي محاولة لاستغلال الحدث المأسوي الذي وقع في قبرشمون في 30 حزيران الماضي بهدف تعزيز أهداف سياسية، يجب أن يتم رفضه. لقد عبَّرت الولايات المتحدة بعبارات واضحة للسلطات اللبنانية عن توقعها أن تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية”.
في غضون ذلك ووسط ترقب عودة رئيس الوزراء سعد الحريري الى بيروت، ترددت معلومات عن زيارة سيقوم الحريري بها الاسبوع المقبل لواشنطن ويلتقي خلالها نائب الرئيس الاميركي ميك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو ومسؤولين اميركيين آخرين. لكن اللافت في هذا السياق معلومات بثتها محطة “المنار” التلفزيونية الناطقة باسم “حزب الله” مفادها أن جلسة لمجلس الوزراء ستعقد الاسبوع المقبل وان موضوع حادث قبرشمون لن يثار في هذه الجلسة بل يترك بعيداً من مجلس الوزراء الى حين انتهاء المحكمة العسكرية من تحقيقاتها.
وينسجم هذا الاتجاه مع موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أكد أمس في “لقاء الاربعاء” النيابي إنه “لن يسمح بكل ما من شأنه ان يؤدي الى تفرقة اللبنانيين وتمزيق البلد”، وشدد على ضرورة اجراء مصالحة كاملة وشاملة وعقد جلسات لمجلس الوزراء من دون التطرق الى حادث قبرشمون. ولفت إلى أن أي مبادرة في حادث قبرشمون في حاجة الى توافق الأطراف المعنيين.
وقالت مصادر قصر بعبدا إن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتابع اتصالاته ويؤكد أمام زواره أنه متمسك بالقضاء وينتظر كلمته بنتيجة التحقيقات التي يجريها حول حادث قبرشمون، واَي محاولة لتعطيل عمل القضاء سواء بمحاولة تسييسه أو بتركيب اتهامات ضده،غير مقبولة ولن يكون لها أي صدى والقضاء سيستمر في عمله.
واستغربت المصادر اثارة العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لأنها علاقة عادية ولم يطرأ ما يستدعي الحديث عنها اليوم.
ويذكر ان رئيس الجمهورية سينتقل منتصف هذا الشهر الى المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين حيث يزاول نشاطه لفترة لا تقل عن أسبوعين.
لا اعتكاف
في المقابل، نفت مصادر قريبة من الرئيس الحريري كل حديث عن اعتكافه وقالت ان لا أساس لهذا الكلام.
وعن عقد جلسة لمجلس الوزراء، قالت المصادر إن الرئيس الحريري “لا يحبذ نقل الاشتباك السياسي الى طاولة مجلس الوزراء وهو يفضٌل تهيئة المناخ المناسب لعقد جلسة ويراهن على تحرك الرئيس نبيه بري وضرورة تهدئة الخطاب من كل الاطراف. وان مجلس الوزراء يجب ان يترجم الحل وألا يتحوّل الى جبهتين، أو ان يتعرض لانقسام عمودي يؤثّر على باقي الملفات الحيوية في الاقتصاد وغيره”.
وأوضحت ان الحريري غير مرتاح الى ارتفاع حدّة السجال ودفاتر الشروط التي يضعها الاطراف المعنيون ويرى ان الحوار هو السبيل الواقعي لايجاد مخرج وغير ذلك يذهب بالبلد الى أوضاع معقدة،وهو راهن على التهدئة ونجاح مساعي المصالحة وكان على تواصل مع الرئيس بري في هذا الشأن، لكن الامور ذهبت في اتجاه التصعيد والتسريبات الاعلامية التي وضعت القضاء في دائرة الاستهداف وأعاقت مساعي المصالحة وكذلك الرهان على عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الخميس.
وتوقعت المصادر ان تدار محركات التهدئة من جديد بعد عودة الرئيس الحريري ليبنى عليها في شأن جلسة مجلس الوزراء.
وحرصت على التأكيد ان العلاقة مع رئيس الجمهورية ليست موضع بحث أو تشكيك، لأن لا استقرار سياسياً من دون علاقة سليمة ومستقرة بين الرئاستين.
باسيل
وسط هذه الاجواء، تضمنت الكلمة التي ألقاها رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية جبران باسيل في احتفال اقامه “التيار” في ضبيه في ذكرى 7 آب 2001، مواقف هجومية حادة خصوصا في اتجاهي الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب “القوات اللبنانية”. ومما قال: “لن نستأذن أحدا لندخل بيوتنا في الجبل، ولن نسمح بالاقطاعيات السياسية والجيش من واجبه أن يحمينا. تعاطينا ما قبل الحادث هو مفهوم الدولة مقابل اللادولة. ترون اليوم منطق الميليشيا مقابل منطق الدولة، الميليشيا مرتبطة بالخارج، أما نحن فدولة القانون التي نريدها محصنة ضد الخروقات من الخارج، وسنبقى عابرين للطوائف ونعمل من أجل المصالحة العميقة بالنفوس مهما عرقلوها”. ولاحظ أن “قطع الطريق والاعتداء حصلا على وزراء ونواب يزورون مناطقهم وناسهم، الوقائع واضحة ولن يستطيع ان يتهرب منها أي قضاء عسكري أو عدلي أو جنائي”.
وأضاف: “اتفاق معراب اتفاق سياسي طالب به سمير جعجع كبدل سياسي مقابل تأييد العماد ميشال عون للرئاسة، وتم تعميم جو أننا أخلينا بالاتفاق. والحقيقة ان جوهر الاتفاق أن نكون معاً بدعم الرئيس، وأن نتفاهم على التعيينات والانتخابات، وأراد أن يأخذ التعيينات والحكومة، واكتشف ان ربحه بالمعارضة والشعبية هو باتهامنا بالفساد، وبدأ يشن الحملات الكاذبة علينا. وبدل أن يكون معنا كما هو الاتفاق، ذهب ليعرقل الحلول بحجة الفساد، وبات عمله محاربة الرئيس ورئيس الحكومة، وصولا إلى دعم علني لاختطاف رئيسها”. وقال أيضاً: “نبهته الى أن هذا السلوك سيؤدي إلى إيقاف الاتفاق بيننا، إنما هو اختار الاستمرار بسياسة الكذب بدل الحفاظ على الاتفاق… وأقول اليوم أن سياسة السكوت وتحمل الظلم انتهت، وأنا أعطي فرصة أخيرة للعودة إلى روحية الاتفاق وتطبيقه، واليوم هي الفرصة وغداً نعود إلى الاتفاق إذا أوقفوا الافتراء علينا”.
صحيفة اللواء:
الحريري إلى واشنطن غداً.. وباسيل يُفجِّر "التفاهم" مع "القوّات" بيان السفارة في عوكر يحذِّر من إثارة النعرات على خلفية أحداث قبرشمون.. وبعبدا تعترض
فتح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الباب لمناسبة مرور 18 عاماً، على ما يسميه اعتقالات 7 آب 2001 امام العدلية، بتغطية من مصالحة الجبل، والتي شملت المناصرين العونيين، جبهة جديدة من المواجهات السياسية في البلاد، مع حزب "القوات اللبنانية" مسيحياً، مشترطاً وقف ما أسماه "برنامج الكذب" للعودة إلى "اتفاق معراب".
اما مع خصومه، فتوسع في المعركة، معلناً: "خيارنا الكشف عن الفساد الحقيقي والقاتل الحقيقي، بالكلمة والشائعة، وهي أبشع أنواع القتل".
وقال ان تياره التزم الطائف في العام 2005، معتبراً ان من يمس بالمناصفة يمس بالطائف، وأن إلغاء الطائفية السياسية غير ممكن دون إنشاء مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية.. واضعاً جدول أعمال ثقيل امام المجلس النيابي في جلسة 17 ت1 المقبل، الموعد الذي حدده الرئيس نبيه برّي لجلسة تلاوة رسالة الرئيس ميشال عون حول تفسير المادة 95 من الدستور.
وعلى وقع إطفاء محركات برّي، وتصعيد باسيل غير المسبوق، وبيان السفارة الأميركية في بيروت الذي يحذر من تأجيج النعرات الطائفية على خلفية حادث قبرشمون المأساوي عاد الرئيس سعد الحريري إلى بيروت على ان يستأنف نشاطه في السراي الكبير اليوم، ويستقبل نواب البقاع.
وعلمت "اللواء" ان الرئيس الحريري سيغادر غداً إلى الولايات المتحدة للقاء وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وفي المعلومات الخاصة بـ"اللواء" ان الوزير باسيل، أبدى امتعاضه من عزم السفيرة على إصدار البيان الذي استبقت بعبدا صدوره برفض اية املاءات من أية جهة.
بيان السفارة الأميركية
إلى ذلك، شكل بيان السفارة الأميركية بخصوص حادثة قبرشمون، والذي اعتبر بمثابة رسالة أميركية لمن يعنيهم الأمر في السلطة والقضاء بوجوب تحقيق العدالة من دون تدخل سياسي أو تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية، الحدث السياسي الذي اقتحم أمس مشهد الصراع الداخلي الذي بلغ مرحلة الغليان، في ظل انكفاء الأدوار والوساطات وتوقف محركات المبادرات، ولا سيما مبادرة الرئيس نبيه برّي، فيما بدا ان أي احتمال لانعقاد مجلس الوزراء، لا يبدو متاحاً قبل انتهاء عطلة عيد الأضحى ومن ثم عطلة انتقال السيدة العذراء، خصوصاً إذا لم يتأمن نوع من التوافق عن فصل موضوع استئناف عمل الحكومة عن تداعيات حادثة البساتين.
وإذ كان لافتاً للانتباه ان بيان السفارة جاء في أعقاب الهجوم العنيف لقيادة الحزب التقدمي الاشتراكي على العهد "ووزراء البلاط" كما اسماهم بيان الوزير وائل أبو فاعور، واتهامه بالضغط على القضاء لفبركة تحقيقات وروايات جديدة لحادثة قبرشمون تمهيداً لكسر زعيمه النائب السابق وليد جنبلاط، أو زجه في السجن، بحسب ما طالب عضو تكتل "لبنان القوي" النائب ماريو عون، الا ان اللافت أكثر كان في اعتراض "حزب الله"، عبر قناة "المنار" على البيان، باعتبار انه يُشكّل تدخلاً سافراً في الشؤون اللبنانية، ووصفه "بالبيان التحريضي" بهدف التسعير الطائفي، وصب الزيت على دماء حادثة قبرشمون، بما يفرض طرح الكثير من علامات الاستفهام حوله في المضمون والتوقيت - ودائماً حسب "المنار" - في حين ان مضمون الرسالة الأميركية يحتمل قراءتين:
- اما اعتبار المختارة خطاً أحمر، بحيث رفض البيان أي محاولة لاستغلال الحادثة بهدف تعزيز أهداف سياسية.
- واما انه انتصار لمنطق الدولة والقانون من خلال تأكيد واشنطن دعم المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخل سياسي.
ومهما كان، فإن البيان الأميركي، وهو الأوّل من نوعه على هذا المستوى، أبرز خطورة ما يحصل أو حصل في الجبل، وما قد يحصل جرّاء الحادثة ما لم تتم إعادة الأمور إلى نصابها، في القضاء والسياسة، حيث أعلنت السفارة عن دعم الولايات المتحدة المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخل سياسي، مشيرة إلى ان "اي محاولة لاستغلال الحدث المأسوي الذي وقع في قبرشمون في 30 حزيران الماضي بهدف تعزيز أهداف سياسية يجب ان يتم رفضه"، لافتة إلى ان "الولايات المتحدة عبرت بعبارات واضحة إلى السلطات اللبنانية عن توقعها ان تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية".
بعبدا لا تعلق
وفيما لم يصدر عن قصر بعبدا أي تعليق على بيان السفارة الأميركية، ربما باستثناء ما كان أعلنه الرئيس ميشال عون، قبل صدور البيان من ان "لبنان لا يخضع لاملاءات أحد ولا يؤثر عليه أحد". وأفادت مصادر مطلعة لـ"اللواء" بما يشبه الرد على المطالعة السياسية والقضائية للحزب الاشتراكي، "ان القضاء سائر سواء كان قضاء عدلياً أو عسكرياً أو جنائياً"، مؤكدة الالتزام بالتحقيقات سواء بالظن أو بالادانة التي تصدر عنه اي الإلتزام بأي قرار يصدر عن القضاء.
واشارت الى انه وبالنسبة الى الشق السياسي فإن الامور لا تزال مكربجة ولكن في نهاية المطاف على مجلس الوزرإء الأنعقاد بصورة أو بإخرى إذ لا يمكن للبلد ان يدخل في أسر في هذه الأوقات التي تتطلب تدابير مهمةوعلى اكثر من صعيد بسبب الخلاف على المجلس العدلي.
واشارت الى ان على الحكومة ان تجتمع وما من خيار آخر اما كيف ومتى وبدعوة من فهده أمور لوجيستية لكن لا بد لمجلس الوزراء من الإنعقاد وهناك اعتقاد ان المسؤولين المخلصين ورؤساء السلطات الدستورية وصلوا الى الأقتناع الذي وصل اليه الرئيس عون بأنه لا بد من الاجتماع والبت، في مسألة المجلس العدلي وهناك آلية ترعى موضوع اتخاذ القرارات، وليتم الالتزام بما يصدر.
ورأت ان القضاء يأخذ بالاعتبار جميع المعطيات والتحقيقات ويبني قراراته على هذا الأساس مشيرة الى ان القضاء ادار اذنه الطرشاء على اي بيان أو مؤتمر ويعمل، أما إذا كان هناك من قاضٍ حوله علامات استفهام وإذا كان هناك من تهديد أو استعطاف أو ترهيب أو غير ذلك فهناك جهة يمكن اللجوء اليها وهي التفتيش القضائي ومطلب رد قاض يعود الى قرار المرجعية التي تنظر، وما يتخذه رئيس محكمة استئناف بيروت بشأن قرارات القاضي باسيل ونحن نلتزم بذلك.
أجندات مختلفة للرؤساء
وكشفت هذه المطالعة للمصادر القريبة من بعبدا عن وجود اجندات مختلفة لدى الرؤساء الثلاثة الذين يبدو انهم مجتمعون على ضرورة عقد جلسة للحكومة، لكنهم يختلفون على جدول أعمالها، حيث يُصرّ الرئيس الحريري على ان لا تكون الجلسة متفجرة، بمعنى ان تطرح مسألة المجلس العدلي على التصويت، بحسب ما يرى الرئيس عون، لأن ذلك قد يؤدي إلى انفجار الحكومة من الداخل، في حين بدا ان الرئيس برّي أقرب إلى منطق رئيس الحكومة، لجهة ضرورة انعقاد جلسة لمجلس الوزراء بشكل منفصل عن حادثة قبرشمون، أي ان لا تكون هذه الحادثة على جدول أعمال الجلسة، بانتظار اكتمال عمل المحكمة العسكرية.
وفي تقدير مصادر مطلعة انه في حال توافق الرؤساء على طرح برّي فإنه بإمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء بعد عيد الأضحى مباشرة، علماً ان الرئيس عون ينوي تمضية جزء من فصل الصيف في القصر الرئاسي في بيت الدين، اعتباراً من منتصف الشهر الحالي، بحيث يؤمل ان يأتي الحل قبل انتقاله إلى القصر الصيفي أو ربما معه، وتنتهي القطيعة بينه وبين جنبلاط الذي جرت العادة ان يقوم بالترحيب بالرئيس لدى قدومه إلى القصر.
برّي يطفئ محركاته
غير ان المصادر استدركت بالنسبة إلى تفاؤلها، مشيرة إلى ان الأمور معقدة أكثر من هذا التبسيط، حيث تتداخل الاعتبارات السياسية والحزبية الضيقة والمصالح الانتخابية والتحالفات، لتضفى المزيد من التشنج في العلاقات، لافتة إلى ان الرئيس برّي أعلن أمس إطفاء محركاته، حيث "جرت الرياح بما لا تشتهي سفنه" بالنسبة لمساعيه، أو لمبادرته التي قطعت شوطاً كبيراً من التوافق بين جميع الكتل السياسية مبدياً امتعاضه من الخطابات العالية السقف التي انعكست سلباً على محاولات التهدئة.
ولفتت هذه المصادر "إلى ان علاقة الرئيس برّي مع الرئيس عون علاقة تواصل ولا خلاف بين الرجلين، لكنه بعد كلام عون عن ان قضية قبرشمون أصبحت عنده، فضل عدم التدخل"، محذرة من "دقة الوضع على المستويات كافة اقتصادياً واجتماعياً وحتى على مستوى العلاقات بين القوى السياسية.
وقال بري خلال لقائه "نواب الأربعاء" في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة انه لن يسمح على الإطلاق بكل ما من شأنه ان يؤدي الى تفريق اللبنانيين أو تمزيق البلد، معتبرا ان "الاستقرار السياسي والأمني والمالي امر مطلوب من الجميع، خصوصا أن المؤسسات المالية الدولية تتطلع بنوع من الحذر والقلق الى الوضع في لبنان".
وشدد النواب نقلا عن الرئيس بري على أن أي مبادرة في حاجة الى توافق سائر الأطراف المعنية، مشيرا الى أن مبادرته كانت قد قطعت شوطا كبيرا نحو توافق الأطراف المعنية، وكان هناك قبول صريح وضمني، ولكن بعد سماع كلام مغاير قرر ان يطفئ محركات هذه المبادرة آملا ارتفاع منسوب الوعي والحكمة عند الجميع إزاء الأوضاع القلقة التي يمر بها البلد، مشيرا الى "وجوب ان يتذكر الجميع انه بتاريخ 23 آب الجاري سيكون هناك تصنيف مالي دولي"، وقد ابلغ وزير المال رئيس المجلس ان اتصالات قد جرت امس بين حاكمية مصرف لبنان والمؤسسات المالية الدولية ووزارة المالية، مشيرا الى ان الأزمة السياسية هي عرضة لعلامات سلوك، لذا المطلوب طي الملفات الخلافية وحرصه من اجل الوصول الى مصالحة شاملة وكاملة تعني الجميع.
باسيل يحتفل بـ "قصره الرئاسي"
ولم تغب حادثة الجبل، ولا مصالحة الجبل، عن الخطاب الذي ألقاه رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، في احتفال التيار بذكرى 7 آب 2001 ووضع حجر الأساس لإنشاء مقر التيار فوق هضبة في منطقة ضبيه قرب هضبة نهر الكلب، ضمن قطعة واسعة استأجرها التيار من الرهبنة المارونية اللبنانية، سيطلق عليه لاحقاً اسم "بيت الشعب" تيمناً بـ"قصر الشعب" في بعبدا، لكن باسيل لم يشر بالاسم إلى الحزب التقدمي الاشتراكي ولا إلى اسم جنبلاط، الا انه تحدث عن محاولات لاغتياله سياسياً، وعن قطع الطريق والاعتداء على وزراء ونواب يزورون مناطقهم، مشيرا إلى ان "الوقائع واضحة ولن يستطيع ان يتهرب منها أي قضاء عسكري أو عدلي أو جنائي". وقال انه "لن يستأذن أحد لندخل إلى بيوتنا في الجبل ولن نسمح بالاقطاعيات السياسية"، في إشارة إلى جنبلاط، لافتا إلى ان كل تعاطينا قبل حادثة قبرشمون، هو مفهوم الدولة مقابل اللادولة، ومنطق الميليشيا مقابل منطق الدولة، في إشارة ضمنية إلى الحزب الاشتراكي، الذي قال مرتبطة بالخارج وتلجأ إلى وكالات الاستخبارات والسفارات فيما نحن فمع دولة القانون التي نريدها محصنة ضد الخروقات من الخارج.
وتطرق باسيل بعد ذلك إلى المصالحة المسيحية- المسيحية، معلناً انها لن تمس، لكنه شن هجوماً على رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مسمياً اياه بالاسم، مشيرا إلى انه طالب باتفاق معراب كبديل سياسي مقابل تأييد العماد عون للرئاسة، كاشفاً ان جوهر الاتفاق ان نكون معاً بدعم الرئيس وان نتفاهم على التعيينات والانتخابات، لكن جعجع أراد ان يأخذ التعيينات والحكومة، واكتشف ان ربحه بالمعارضة والشعبية يكون باتهامنا بالفساد، وبدأ يشن الحملات الكاذبة علينا، وبدل ان يكون معنا كما هو الاتفاق ذهب لعرقلة الحلول بحجة الفساد، وبات عمله محاربة الرئيس ورئيس الحكومة وصولاً إلى دعم علني لاختطاف رئيسها (في إشارة إلى ما حدث مع الرئيس الحريري في تشرين الثاني من العام 2018 حين أعلن استقالته من الرياض).
وتابع انه نبّه جعجع من ان سلوكه سيؤدي إلى إيقاف الاتفاق بيننا، لكنه اختار الاستمرار في سياسة الكذب واستسهال الافتراء من دون ملف، وخلص إلى ان سياسة السكوت وتحمل الظلم أنهت، الا ان باسيل أعلن انه سيعطي جعجع فرصة أخيرة للعودة إلى روحية الاتفاق وتطبيقه، مبدياً اعتقاده بأن إنقاذ اتفاق معراب مازال ممكناً".
وقبل ان ينهي كلمته تطرق إلى معركة تطبيق اتفاق الطائف، مؤكداً ان المادة 95 من الدستور واضحة ونحن لا نريد تعديلها، لكننا لا نقبل الانتقال من المناصفة إلا إلى دولة مدنية مع مجلس شيوخ ومركزية إدارية موسعة، لأن إلغاء الطائفية السياسية وحدها لا يكفي، الا انه رأى ان البعض ما يزال يريد العودة إلى منطق العد، وسنعلم في الجلسة النيابية في 17 تشرين الأوّل من هو يهوذا الاستخريوطي.
وختم، انتقلنا في 7 آب 2001 من حجز الحرية إلى حجز الوطن والحكومة في 2019، لن نخاف من اغتيالنا المعنوي وسننتصر وتنتصر معنا الحقيقة مهما كان حبل كذبهم طويلاً، سننتصر وتعود الحكومة إلى العمل التي لا يريدونها ان تنتج وان يحكم الرئيس، إلا انه لم يقل كيف؟
وبانتظار رد مفصل من قيادة "القوات"، رد عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب عماد واكيم على باسيل، قائلا: "ضعيف يقاوم، قصير يطاول. مهما حاولت لن تصبح زويعم".
في حين ردّ أمين سر تكتل "الجمهورية القوية" النائب السابق فادي كرم على رئيس التيار "الوطني الحر" الوزير جبران باسيل قائلا :"يشرفك دعم ملفاتنا لأنها ملفات نظيفة، ولا نقبل على أنفسنا دعم ملفاتك لأنها وسخة. بدعمك لملفاتنا تصبح إصلاحيا ولكن بدعمنا لملفاتك نصبح فاسدين
صحيفة الشرق:
تدويل "قبرشمون"
على وقع غليان متصاعد الوتيرة من فوهة أزمة "البساتين"، اقتحمت واشنطن مشهد الصراع الداخلي بقوة، محذرة وناصحة ومعبرة عن توقعاتها من السلطات اللبنانية.
الرسالة الاميركية تضمنت من العبارات ما يكفي لتبيان الاتجاهات المفترض ان تسكلها القضية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: اذا كانت الادارة الاميركية تريد توجيه رسالة الى "من يعنيهم الامر" في السلطات اللبنانية، فإلى أي حد سيلتزمون هذه الرسالة؟ وماذا ستكون عليه ردة فعل القوى السياسية؟ وهل ستتحول الرسالة الى عنصر انقسام سياسي جديد بين فريقي النزاع كما العادة؟
ففي تعليق هو الاول على الحادثة، مبرزا خطورة ما يحصل او ما قد يحصل من جرائها ما لم تتم اعادة الامور الى نصابها الصحيح، أعلنت السفارة الاميركية في بيروت عن دعم "الولايات المتحدة المراجعة القضائية العادلة والشفافة من دون أي تدخل سياسي"، مضيفة في بيان "ان أي محاولة لاستغلال الحدث المأسوي الذي وقع في قبرشمون في ?? حزيران الماضي بهدف تعزيز أهداف سياسية، يجب أن يتم رفضه". وأشارت الى ان "الولايات المتحدة عبّرت، بعبارات واضحة، الى السلطات اللبنانية عن توقعها أن تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة من دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية".
وامس سُجل موقف لافت لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون من القضية. فقد أكد لوفد من الانتشار اللبناني أن "من يرفض العدالة يرفض المجتمع الذي لا يمكنه العيش في الفوضى"، مشددا على أن القضاء يملك صلاحية الحزم والعقاب وفق القوانين المرعية الاجراء. وقال عون أمام الوفد: "نتحدث باسم لبنان في المحافل الاقليمية والدولية بما يعود بالفائدة على الجميع، من دون ان يملي علينا احد ما يجب قوله، او ان يؤثر علينا، بل نحن من يملي ويؤثر". ولفت الرئيس عون الى انه تم تحويل ملفات عدة الى القضاء، فالفساد "معشش في مختلف المؤسسات لكننا سنستأصله وسنعمل على محاربة براعمه التي قد تعود لتنمو".
أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فنقل عنه النائب علي بزي قوله في لقاء الاربعاء انه "لن يسمح بكل ما من شأنه ان يؤدي الى تفرقة اللبنانيين وتمزيق البلد"، وشدد على ضرورة اجراء مصالحة كاملة وشاملة وعقد جلسات حكومية لمجلس الوزراء من دون التطرق الى حادثة قبرشمون. ولفت بزي الى أن "أي مبادرة في حادثة قبرشمون بحاجة لتوافق الأطراف المعنية.. قطعنا شوطاً في هذا الخصوص لكن قرر الرئيس بري إيقاف السعي في هذه القضية بعدما سمع كلاماً مغايراً للأمور المتفق عليها".
وعن ملف قبرشمون، أكدت مصادر عين التينة الا خلاف بين بري وعون، مشيرة الى أن رئيس المجلس النيابي لن يتدخل بعد كلام رئيس الجمهورية عن ان القضية اصبحت عنده. وأكدت المصادر ان التواصل بين عون وبري مستمر، محذرة من دقة الوضع على المستويات كافة اقتصاديا واجتماعيا وحتى على مستوى العلاقات بين القوى السياسية.
من جهة ثانية ناشد المطارنة الموارنة الحكومة معالجة قضية قبرشمون مع القضاء المختص بعيداً من أي تسييس، وقالوا بعد اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك بشارة الراعي "نذكّر بأن المصالحة التاريخية تلقي على قيادات الجبل مسؤولية تحصينها بمقومات العيش معاً، ونأمل في ترجمة الاختلاف توافقاً سريعاً وبدء إجراءات تشاركية ملموسة تأكيداً لنموذجية الجبل على الصعيد الوطني". وفي وقت لفتوا "الى أن حلّ الأزمة الراهنة يحتّم على الحكومة العودة الى الالتئام من أجل إقرار قطع الحساب وتحريك الاقتصاد الإنتاجي" دعا المطارنة لتصحيح بوصلة المطالب الفلسطينية وتوجيهها نحو الحقوق الأساسية للاجئين لاسيما حق عودتهم الى ديارهم".
صحيفة الجمهورية:
واشنطن ندخل على خط قبرشمون.. والحريري يزورها قريباً
فيما بلغ التصعيد المتبادل ذروته بين الأفرقاء المعنيين بحادثة قبرشمون، دخلت الولايات المتحدة الاميركية على خط الأزمة عبر بيان لسفارتها في بيروت، مؤكّدة دعمها "المراجعة القضائية العادلة والشفافة من دون اي تدخّل سياسي" لتلك الحادثة، داعية الى رفض "اي محاولة لاستغلال الحدث المأسوي بهدف تعزيز اهداف سياسية". ولاقى هذا الموقف الاميركي تفسيرات وتأويلات متعددة، راوحت بين قائلة بأنّ واشنطن تتهيّب من أن تؤدي مضاعفات الحادثة الى فتنة تهدّد الاستقرار اللبناني الحريصة عليه، واخرى قائلة بأنّ هذا الموقف الاميركي يدعم فريقاً ضد آخر في المعركة الدائرة حول نوع المعالجة المطوبة سياسياً وقضائياً.
خطف الاضواء أمس في غمرة المواقف التصعيدية المتلاحقة على جبهة قضية قبرشمون، بيان مفاجئ اصدرته السفارة الاميركية في لبنان أمس حول هذه القضية تضمن الآتي:
"تدعم الولايات المتحدة المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخّل سياسي. إنّ أي محاولة لاستغلال الحدث المأسوي الذي وقع في قبرشمون في 30 حزيران الماضي بهدف تعزيز أهداف سياسية، يجب أن يتمّ رفضه. لقد عبَّرت الولايات المتحدة بعبارات واضحة إلى السلطات اللبنانية عن توقّعها أن تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقّق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية".
بيان بعد مراجعات
وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية"، انّ هذا البيان صدر بعد مراجعات اميركية عدة مع مسؤولين وديبلوماسيين وعسكريين، بدأت منذ حادثة قبرشمون وحتى اليوم. فلاحظت السفارة، انّ الاتصالات لم تؤدِ الى تهدئة الوضع ولا الى ايجاد حل قضائي وسياسي للحادث منعاً للتداعيات. وقد التقت السفيرة الاميركية رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ومسؤولين آخرين بعيداً من الاضواء، وطلبت منهم احتواء الموضوع وعدم تسييسه، لأنّ لدى الأميركيين معلومات عن وجود نية لوضع هذا الحادث في اطار تعطيل العمل الحكومي اللبناني والمس بالقوى السيادية، في هذه المرحلة التي تشهد نزاعاً اميركياً ـ ايرانياً في المنطقة، وقد بلغت ارتداداته الساحة اللبنانية".
وأضافت المصادر نفسها، "انّ السفارة الاميركية عندما وجدت انّ كل مراجعاتها لم تؤدِ الى نتائج إيجابية اضطرت إلى اصدار هذا البيان الذي يحمل في طياته رسائل تحذيرية أمنية واقتصادية قبل الرسائل السياسية". ولفتت في هذا الاطار، الى انّ قدرة واشنطن على التأثير على الدول المانحة المشاركة في مؤتمر "سيدر" كبيرة جداً، كما انها تتجّه الى توسيع رقعة العقوبات".
وقالت المصادر: "ليست قيمة البيان بسطوره القليلة، وإنما بالإجراءات التي في إمكان اميركا ان تتخذها في حال لم يتجاوب المسؤولون مع هذا البيان، خصوصاً انّ البيان شدّد على الناحية القضائية من دون الدخول في التفاصيل. وأبرز ما قد تقوم به اميركا في حال عدم تجاوب لبنان:
ـ اولاً، توسيع رقعة العقوبات لتطاول مسؤولين في الدولة اللبنانية. وسبق لمسؤولين اميركيين ان لمّحوا سابقاً اكثر من مرة إلى ذلك.
ـ ثانياً، التأثير على مؤسسات التصنيف الدولية.
ـ ثالثاً، التأثير على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهما مرجعيتان معنيتان بتوفير القروض الاستثمارية للبنان.
ـ رابعاً، فرض بعض القيود على تأشيرات اللبنانيين، علماً انّ السفيرة الاميركية اعلنت باكورة هذا الموقف منذ 48 ساعة، عندما اصدرت بيان السفارة، مطالبة بخفض قيمة تأشيرات الدخول للرعايا الاميركيين استناداً الى مبدأ التعامل بالمثل.
ـ خامساً، إعادة النظر في نوعية التعامل مع عدد من المؤسسات اللبنانية بما فيها المؤسسات الامنية".
وعلمت "الجمهورية"، أنّ هناك إتصالات تجري بين سفراء دول الإتحاد الاوروبي لإصدار بيان مماثل لبيان السفارة الاميركية، وسيشهد يوم غد سلسلة لقاءات بين هؤلاء السفراء لتقييم مدى ضرورة إصدار هذا البيان، لأنّ بعض سفراء الدول الاوروبية يعتبر انّ صدور بيان مماثل قد يُفسّر على أنه التحاق بالموقف الاميركي".
وأضافت المصادر: "اللافت، انّ حادثة قبرشمون حصلت منذ 5 اسابيع، في حين انّ البيان الاميركي لم يصدر إلاّ أمس، أي بعد ان توافرت لدى واشنطن معلومات عن رغبة اطراف معينة وفي طليعتها "حزب الله" في تسييس الموضوع. وهذا الامر من شأنه ان يعطي جرعة دعم لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومختلف القوى السيادية. كما انّ البيان صدر في بيروت ولكنه وُضع في واشنطن وتحديداً وزارة الخارجية الأميركية، وقد أُعلن عنه ليس مبادرة من السفارة فقط، وأنما هو موقف اميركي مركزي، وتكمن اهميته في انه ليس بياناً عن قبرشمون والحادث انما ببعده السياسي. ويُنتظر ان يردّ عليه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل".
لامبالاة اوروبية
وفي السياق نفسه، دعت مصادر ديبلوماسية غربية عبر "الجمهورية" الى قراءة هذا البيان الأميركي "بكثير من الجدّية والتأني وما بين سطوره". وقالت: "إنّ واشنطن التي تراقب التطورات اللبنانية بأدق تفاصيلها احتفظت حتى الآن بطاقمها الديبلوماسي كاملاً في بيروت التي غادرها معظم الطاقم الديبلوماسي الأوروبي والغربي، في اجواء توحي باللامبالاة تجاه ما يجري في لبنان، على رغم من حجم الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية المفتوحة على شتى الإحتمالات السلبية".
صولات وجولات الحقائق
ولم يطرأ اي جديد بارز على صعيد المعالجات المطلوبة لحادثة قبرشمون سياسياً وقضائياً، حيث ظل التصعيد المتبادل على غاربه.
وعلمت "الجمهورية"، انّ هذه المعالجات لا تزال بعيدة المنال، وان رئيس الجمهورية دعا القضاء العسكري الى ان يأخذ مداه ومجراه في معالجة الحادثة، في اعتبار انه صاحب الصلاحية الاول في هذا الموضوع، ما يعني انه ستكون هناك صولات وجولات ميدانياً وفي المحكمة العسكرية بحثاً عن الحقائق ومعاقبة المرتكبين.
ودعت اوساط قصر بعبدا عبر "الجمهورية" الى "انتظار القرارات في شأن الملفات التي دخلت الى المؤسسات القضائية" واعتبرت "انّ الحديث عن تدخّلات من هنا أو هنالك هدفه بث الأجواء السلبية التي لا تتحمّلها البلاد في هذه الظروف الدقيقة التي تمرّ بها".
مجلس الوزراء
ومع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري الى بيروت، بدأ الاهتمام ينّصب على الخطوات التي يمكن اتخاذها لإنقاذ حكومته من الشلل الذي أصابها منذ ما يقارب الشهر والعشرة أيام. وقالت مصادر تعمل على خط معالجة الأزمة لـ"الجمهورية"، إنّ "السيناريو الأقرب الى الواقع حالياً هو دعوة مجلس الوزراء الى الإنعقاد بعد عيد الأضحى مباشرة، بحيث يجتمع في القصر الجمهوري بجدول اعمال يُتفق مسبقاً على ان يلي الانتهاء منه البحث في الملف السياسي المتعلق بحادثة قبرشمون، فإذا احتدم النقاش تُرفع الجلسة، وفي هذه الحال يكون قد تمّ انهاء تعطيل مجلس الوزراء، وهو الهدف الاساس لغالبية القوى السياسية. اما قضية قبرشمون، وبعد ما استنفدت كل المساعي ووصلت الى اقصى حدود المواقف والرسائل، فتعود الى حجمها الطبيعي كأي ملف سياسي خلافي كبير ينتهي على الطريقة اللبنانية".
الحريري الى واشنطن
في غضون ذلك، كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع لـ "الجمهورية"، انّ الحريري سيتوجّه نهاية الأسبوع الجاري الى واشنطن في زيارة وُصفت بأنّها مهمة، يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين الأميركيين. واكّدت مصادر "بيت الوسط" لـ "الجمهورية" انّ "هناك ترتيبات خاصة تُتخذ لهذه الزيارة". ولكنها لم تكشف مستوى اللقاءات وهوية المسؤولين الذين سيلتقيهم الحريري في انتظار انتهاء الترتيبات اللوجستية وتحديد المواعيد الدقيقة، ما يوحي أنّ الزيارة استثنائية وتمّ ترتيبها على عجل. ولفتت هذه المصادر الى انّ الحريري مستاء جداً مما آلت اليه الأمور، وهو بقي طوال الأيام القليلة الماضية على اتصال بالمسؤولين ولاسيما منهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كان يراهن على مبادرته الأخيرة قبل اطفاء المحركات.
وأضافت "انّ الحريري سعى وما زال يسعى لجمع مجلس الوزراء في أجواء هادئة. فما يجب مقاربته من الملفات الكبرى التي عليه التصدّي لها بعد إقرار الموازنة، يحتاج الى اجواء هادئة ووقف الحروب الداخلية وحماية الحد الأدنى من التضامن المتوافر في حكومة الوفاق الوطني". ولفتت الى "انّ الإحتكام الى الصلاحيات المعطاة لكل مؤسسة شرط مهم ووجيه، وانّ السعي الى تجاوز حدود الصلاحيات لا يفيد أحداً، بل يضرّ بالبلد وبشكل خاص التعاون بين المؤسسات ومضمونه".
التصنيف في موعده
من جهة ثانية، علمت "الجمهورية" أنّ وكالة "ستاندر اند بورز"، استعاضت عن ارسال وفد الى لبنان لمعاينة الاوضاع تمهيداً لإصدار تقريرها حول التصنيف الائتماني للبنان، باتصال هاتفي اجراه مندوبوها مع وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان المركزي.
وفي المعلومات، انّ الوكالة طرحت خلال هذا الاتصال اكثر من 50 سؤالاً على المسؤولين في الوزارة و"المركزي"، وأن الأجوبة عن هذه الأسئلة سيتم اعتمادها في التقرير الذي سيصدر مبدئياً في 23 آب الجاري.
وافادت المعلومات، أنّ الجزء الأكبر من الاسئلة التي طُرحت على وزارة المال، يتعلق بالوضع السياسي. وقد تراوحت المواضيع التي طرحتها الوكالة بين: الوضع الحكومي، الاستقرار، طريقة اصدار المراسيم التطبيقية، الوضع السوري وتأثيره على لبنان، النزوح، العقوبات، وكيف سيتم التعاطي مع المتغيرات في المنطقة...
وعليه، وبناءً على هذا الاتصال الهاتفي، استنتجت مصادر مراقبة انّ ذلك يعني انّ جهود الحكومة اللبنانية لإقناع وكالة التصنيف بتأجيل إصدار تقريرها لمدة 6 أشهر قد باءت بالفشل، وأنّ التصنيف الجديد سيصدر في موعده المقرر في 23 آب الجاري.
لكن مصادر وزارة المال خففت من حال القلق السائدة، مؤكّدة انّه "حتى لو تمّ خفض تصنيف لبنان، فإنّ ذلك ليس دراماتيكياً، خصوصا أنّ التركيز في التصنيف هو على الوضع السياسي، وبالتالي، أي حلحلة في الوضع السياسي ستدفع الوكالة الى إعادة النظر في تقريرها.
صحيفة الأخبار:
بيان السفارة: وقاحة بلا تأثير
دخلت البلاد في عطلة الأعياد، التي تعطّلت معها المساعي إلى حل معضلة عدم انعقاد مجلس الوزراء. لكن الجديد دخول السفارة الأميركية مباشرة على خط التوتر السياسي القائم في البلد، فاصطفت إلى جانب النائب وليد جنبلاط في وجه "من يحاولون استغلال جريمة قبرشمون لأهداف سياسية". وأصدرت بياناً وقحاً يتخطى كل الأعراف الديبلوماسية، من دون أن يكون له أي وقع على الأرض
من جريمة قبرشمون، عاد التدخل الأميركي في الشأن اللبناني إلى أوقح صوره. صحيح أن الحضور الأميركي الصلف ليس غريباً عن لبنان. إلا أن واشنطن التي اعتادت فرض الرعب على المصارف والمتعاملين بالدولار، ولا تتوانى عن الضغط على الاقتصاد وبعض السياسيين، وكذلك فرضت نفسها بالقوة مصدراً شبه وحيد لتوريد السلاح والعتاد العسكري للجيش اللبناني، لم يكن ينقصها سوى أن تعطي رأياً بجريمة وقعت على الأراضي اللبنانية، ولا تزال أمام القضاء. وهي فعلت ذلك أمس، بشكل يشكّل سابقة، لم تحدث منذ العام 2005، يوم كانت السفارة الأميركية شريكاً مضارباً لفريق 14 آذار في "ثورة الأرز". فقد أصدرت السفارة، أمس، بياناً أكدت فيه "دعم الولايات المتحدة المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخل سياسي". واعتبرت أن "أي محاولة لاستغلال الحدث المأساوي الذي وقع في قبرشمون في 30 حزيران الماضي بهدف تعزيز أهداف سياسية، يجب أن يتم رفضها". كما أشارت إلى أن الولايات المتحدة "عبّرت بعبارات واضحة إلى السلطات اللبنانية عن توقعها أن تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية".
الانطباع الأول الذي ساد عند أكثر من جهة سياسية، كان نجاح وليد جنبلاط في حملة التحريض على حزب الله واستجداء الدعم من السفارات الغربية والعربية. فبيان السفارة لا يُقرأ إلا بوصفه موجهاً ضد حزب الله وحلفائه، ومن بينهم رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر. كما يوحي أنه استكمال للمؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير وائل أبو فاعور واتهم فيه عدداً من وزراء "تكتل لبنان القوي" بالضغط على القضاء. أضف إلى أنه يحذر من تأجيج النعرات الطائفية، فيما واشنطن لا تتوانى عن تحريض بعض اللبنانيين على بعضهم الآخر. لكن ماذا بعد؟ أين يُصرف هذا البيان في السياسة اللبنانية؟ أو بشكل أدق، كيف سيستفيد منه جنبلاط؟
كل المعطيات تشير إلى أن الزعيم الاشتراكي لن يكون أفضل حالاً بعد البيان من قبله. إذا كان حزب الله وحلفاؤه يريدون عزله، فكيف سيساهم بيان كهذا بتغيير هذا الاتجاه؟ ما هي أدوات أميركا التي يمكن أن تستعملها لفرض توجهاتها على الأرض؟ كل سلوكها يشير إلى أنها تملك سلاحاً واحداً، هو السلاح المالي - الاقتصادي. وعلى ما تُبين التجربة، فإن هذا السلاح الثقيل، أصاب الاقتصاد اللبناني بمقتل، وأدى إلى ارتهان النظام المصرفي كلياً للخزانة الأميركية ولأوامرها، إلا أن تأثيره على "حزب الله" يكاد لا يُرى. فلا هو جزء من النظام المصرفي ولا هو مهتم بلوائح الإرهاب المتتالية حتى يتأثر ببيان من فقرتين. هذا لا يعني أن البيان ليس خطراً. لغته استثنائية في عالم الديبلوماسية. هي أقرب إلى لغة المنتدبين. لكن بالرغم من ذلك، وبالرغم من أن البيان يشكّل اعتداءً على السيادة وتدخلاً في القضاء، من بوابة انتقاد التدخل فيه، إلا أنه حتى ليل أمس، لم يكن قد صدر أي موقف رسمي منه. في المقابل، فإن مصادر رسمية اعتبرت ان "البيان يشكل تدخلاً في الشأن اللبناني، وبطريقة غير معتادة، فالكل يعرف أن السفارة تعبّر عن موقفها من الشؤون اللبنانية خلف الأبواب المغلقة، أما إصدار بيان علني بذلك، فيشكل سابقة يفترض أن تلقى الرد من وزارة الخارجية". يكفي أن تعود الوزارة إلى أرشيفها لتتذكر ما فعله وزير الخارجية علي الشامي في العام 2011. حينها استدعى السفيرة مورا كونيللي، بعد زيارتها للنائب نقولا فتوش ومحاولتها التأثير على موقفه من الاستشارات النيابية، وقال لها إن تصرفها يشكل تدخلاً في الشؤون اللبنانية وخرقاً للأعراف الدبلوماسية ولأصول التمثيل الأجنبي. رسالة أمس أشد فجاجة من زيارة كونيللي ولم يتبين بعد كيف ستتعامل "الخارجية" معها.
أما جنبلاط، علة البيان وحجّته، فيدرك تماماً أن أميركا، وفي ذروة قوة "14 آذار"، لم تتمكن من فرض واقع جديد في لبنان. ولذلك تحديداً فإن الديباجة الأميركية لن تفيده، لا بل قد تساهم في زيادة الضغط عليه لا العكس. ليس مصدر الضغط هو القوى المناوئة له حالياً، بل حقيقة أن انضمام البيك إلى المحور الأميركي مع تلاحق انكساراته في المنطقة وعجزه عن تحقيق أي انتصار صريح في معركته مع محور المقاومة، إن كان في سوريا أو اليمن أو العراق وصولاً إلى الخليج، لن يكون في صالحه. فأميركا التي يستنجد بها جنبلاط غير قادرة حتى على تشكيل تحالف في الخليج للوقوف في وجه السيطرة المطلقة لإيران على مضيق هرمز. وأميركا التي يستنجد بها، لن تتأخر قبل أن تغرق في انتخاباتها الرئاسية، مع ما يشكّله ذلك من ابتعاد تلقائي عن المشاكل الخارجية. وعليه، فإن جنبلاط لن يكون أمامه سوى إنهاء جولاته على السفراء والعودة إلى البحث عن السبيل لعودة الحوار مع حزب الله، وربما مع سوريا.
بعيداً عن البيان وتداعياته، لم يشهد يوم أمس أي تقدم في المساعي الآيلة إلى انعقاد مجلس الوزراء، والاتفاق على حل لقضية قبرشمون. بل على العكس بقيت المواقف على تشنجها.
وإذ أكد الوزير جبران باسيل عدم السماح بمشكل درزي مسيحي في الجبل، فقد أشار إلى أن "قطع الطريق والاعتداء في قبرشمون حصل على وزراء ونواب يزورون مناطقهم وناسهم، الوقائع واضحة ولن يستطيع أن يتهرب منها أي قضاء عسكري أو عدلي أو جنائي".
وشدد باسيل على "إننا لن نستأذن أحدا لندخل إلى بيوتنا في الجبل ولن نسمح بالاقطاعيات السياسية والقضاء من واجبه الدفاع عنا والجيش من واجبه أن يحمينا وكل تعاطينا ما قبل حادثة قبرشمون وما بعد الحادثة هو مفهوم الدولة".
صحيفة نداء الوطن:
“قبرشمون” على الخريطة الدولية… و”حزب الله” وباسيل يهاجمان الأميركان
"مع انتهاء موسم المهرجانات ومباشرة دوائر بعبدا التحضيرات اللوجستية لعملية انتقال رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المقر الرئاسي الصيفي في قصر بيت الدين، تبدو كل الدروب مقفلة أمام مساعي تبريد أزمة الجبل بعدما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري إطفاء محركاته لاقتناعه بعبثية ما يحصل من “توتير وتصعيد” مقابل تشديده صراحةً على وجوب النأي بحادثة البساتين عن مجلس الوزراء. فخريطة المواقف الداخلية باتت واضحة المعالم بين متخندق خلف “صلحة” بري بمؤازرة من رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي عاد مساءً إلى بيروت، ومن “القوات اللبنانية” التي عبّرت بوضوح أمس على لسان النائبة ستريدا جعجع عن تموضع معراب إلى يمين “عين التينة” تأييداً “للموقف الوطني والمسؤول للرئيس بري” إزاء سبل معالجة الأزمة، وبين فريق متمترس في المقابل خلف وجهة نظر “العهد” في التصعيد السياسي والقضائي بمواجهة زعيم “المختارة”، لكن الجديد خلال الساعات الأخيرة تجسد بدخول “قبرشمون” بقوة أمس، على خريطة علاقات لبنان الدولية في ظل العجز اللبناني عن لملمة ذيولها وفصل تداعياتها عن مسيرة استنهاض البلد واقتصاده.
وفي هذا الإطار، استرعى الانتباه أمس بيان السفارة الأميركية الداعي إلى رفض “أي محاولة لاستغلال الحادث المأسوي في قبرشمون بهدف تعزيز أهداف سياسية”، معربةً عن توقع واشنطن من السلطات اللبنانية أن تتعامل مع هذا الملف “بطريقة تحقق العدالة من دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية”. في حين كان للندن أيضاً موقف متقاطع في أهدافه وضعت من خلاله “استقرار لبنان” في سلم أولوياتها داعيةً جميع الأفرقاء إلى “التركيز في هذه المرحلة على التطور الاقتصادي”، حسبما عبرّ السفير البريطاني كريس رامبلنغ إثر لقائه بري.
ومقابل اتساع رقعة الاصطفاف المحلي والدولي الداعم لوجهة نظر “عين التينة” إزاء سبل معالجة قضية “قبرشمون” خارج قاعة مجلس الوزراء، اشتعلت جبهة الردود على بيان السفارة الأميركية بدءاً من وئام وهاب مروراً بإعلام “حزب الله” وصولاً إلى الوزير جبران باسيل. فبالتوازي مع صبّ إعلام “الحزب”، المرئي والإلكتروني، جام غضبه على الولايات المتحدة سواء عبر قناة “المنار” أم موقع “العهد”، سرعان ما خرج باسيل عبر منصة 7 آب في الضبية ليلاقي حملة 8 آذار في الهجوم على الأميركيين، لاعتباره بيان السفارة الأميركية أتى بمثابة تدخل “الاستخبارات والسفارات” لمصلحة من وصفهم بـ”الميليشيات المرتبطة بالخارج”. وإلى الداخل، تطايرت شظايا مواقف رئيس “التيار الوطني الحر” في أكثر من اتجاه لتصيب جملة من أهداف “العهد”، انطلاقاً من جنبلاط مع محاولته إعادة بوصلة المشكلة إلى درزية – درزية، مروراً بإعادة تسعير الخلاف على الدستور من بوابة “المادة 95” التي ربط تفسيرها بوجوب تحقيق المناصفة في كل فئات موظفي الدولة، حتى قيام ساعة الدولة المدنية بلامركزية مالية وإدارية موسعة، وصولاً إلى التصويب بشكل مباشر على حزب “القوات” ورئيسه سمير جعجع، الذي اتهمه بأنه سبب إنهاء اتفاق معراب وبأنه يحارب العهد العوني ويعرقل الحلول التي يقترحها وزراء “التيار” في الحكومة ويواصل سياسة “الافتراء وترويج الشائعات” ضد العهد، مقابل إعطاء جعجع “فرصة أخيرة” للعودة إلى روحية اتفاق معراب “إذا تعهدوا بوقف حملات الكذب وإلا سيضطروننا إلى الكشف عن الفاسد الحقيقي والقاتل الحقيقي”، بحسب التهديد الذي وجهه باسيل في سياق تصعيدي متصاعد يؤسس لمزيد من تأزيم العلاقات المسيحية – المسيحية على الساحة السياسية.
توازياً وبينما الوضع الاقتصادي يتجه نحو مزيد من الترنّح في ظل الشلل الحكومي الذي يهدد مصير مؤتمر “سيدر” وينعكس سلباً على رؤية المؤسسات الدولية المعنية بتصنيف لبنان الائتماني، توافرت لـ”نداء الوطن” معطيات تفيد بتحرك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في اتجاه أكثر من عاصمة عربية ودولية في محاولة منه لاستدراك أي “خطر ممكن” خصوصاً على الوضع النقدي.
وفي المعلومات أن سلامة شرح للمسؤولين العرب والأجانب الذين تواصل معهم الواقع الراهن، متمنياً عليهم الوقوف إلى جانب لبنان في هذه المرحلة المصيرية وايجاد السبل الكفيلة بإيجاد معالجات تقنية مالية بمعزل عن الأزمات السياسية الداخلية والخارجية.
وعلى الرغم من تداخل الوضعين السياسي والاقتصادي، فقد لمس حاكم مصرف لبنان بعض الفرص لمخارج محددة ومحدودة في ظل الاستياء العربي والدولي من سياسات الحكومة اللبنانية وخلافات مكوناتها. حتى أنّ المعطيات المتواترة في هذا المجال تشي بأنّ بعض الدول العربية تدرس إمكان إيداع مصرف لبنان مبالغ مالية “مهمة”، لكنها تبدي في الوقت عينه تحفظات معينة وتتريث في حسم توجهاتها الداعمة للخزينة اللبنانية، بانتظار تأمين “البيئة الحاضنة الآمنة” عبر مزيد من الدراسات التي تتعلق بكيفية الأخذ في الاعتبار العقوبات العربية والدولية المفروضة على “حزب الله”، والتأكد من أنّ أي استثمار في لبنان لا يمكن أن يستفيد منه “الحزب” وداعموه لا في شكل مباشر ولا من خلال استغلاله للالتفاف على العقوبات الدولية على “حزب الله” وإيران، وسط تردد أنباء عن بحث جدي في إمكان عقد مؤتمر لتشجيع القطاع الخاص والمستثمرين العرب الذين يتمتعون بعلاقات وطيدة بحكومات دولهم، على الاستثمار في بعض المشاريع التي يمكن أن توفر فرص عمل تساعد لبنان على مواجهة الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها.
المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع لبنان 360 بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك