
صحيفة النهار :
استنفار واسع في مواجهة التهويل
كتبت صحيفة "النهار " تقول : لم تكن تظاهرة منظمة الشباب التقدمي في الحزب التقدمي الاشتراكي التعبير الوحيد عن مدى الاحتقان الذي خلّفه مناخ التهويل والتهديد الذي أشاعه في البلاد خطاب وزير الخارجية جبران باسيل أول من أمس، مع أن السقف السياسي المرتفع والسخونة البالغة اللذين طبعاً الخطاب الاشتراكي في الساعات الأخيرة شكلاً العينة الأكثر تعبيراً عن حجم الأخطار التي تسبب بها هذا المناخ. ذلك أن الاستنفار السياسي سرعان ما ارتد على الحكومة التي تعرضت في جلسة مجلس الوزراء مساء أمس لهزة عنيفة كان من نتائجها المباشرة تأخير انجاز اقرار الموازنة من جهة وشحن المناقشات بجرعات كبيرة من التوتر، الأمر الذي وضع مختلف الاستحقاقات الداهمة التي تواجهها في عين العاصفة.
وبدا واضحاً أن الاستنفار السياسي الواسع الذي أثارته مواقف باسيل والاتجاهات المتفردة التي عبر عنها في شأن زيارة دمشق مرشح لمزيد من التفاقم في ظل ما بدأ يتضح في الساعات الأخيرة من تلازم مكشوف في المناخ التصعيدي المفتعل بين خطاب باسيل ومواقفه من جهة والاتجاهات الطارئة لـ"حزب الله" حيال المصارف من جهة أخرى علماً أن الاندفاع في التهويل المزدوج جاء عقب اللقاء الطويل بين الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله وباسيل الأسبوع الماضي. فالحزب بدأ عملية تسريبات متعمدة عن قرار اتخذه بالتحرك ضد المصارف أو بعضها في شأن التزامها العقوبات الاميركية عليه قد يتجسد في تحرك في الشارع أو سواه من وسائل التعبير عن سخطه كما قيل.
ويسود الاعتقاد بان موجة التصعيد التي باشرها "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" تستهدف الضغط على مجمل القوى السياسية لنقل البلاد الى مرحلة جديدة محكومة بالشروط التي يطرحها تحالفهما مع اقتراب ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من طي السنة الثالثة في نهاية الشهر الجاري، بما يعني أن ثمة أجندة مزدوجة يسعى هذا التحالف الى تحقيقها. الأولى تعني التيار وهي رمي كرة المخاوف المتصاعدة من الأخطار المالية والاقتصادية واحتمالاتها المتعاظمة في مرمى القوى الأخرى وتبرئة العهد منها لئلا يتحمل تبعة التدهور الخطير الذي بلغته البلاد. والثانية تعني الحزب وهي توظيف العوامل الداخلية والاقليمية للدفع بقوة نحو انجاز ديبلوماسي لمصلحة المحور السوري - الايراني من خلال رعاية الانفتاح اللبناني الرسمي على النظام السوري وفي الوقت نفسه محاولة الضغط داخليا لتقليص الضغوط المالية التي يتعرض لها عبر العقوبات الاميركية.
وسط هذه الأجواء الضاغطة حاول رئيس الوزراء سعد الحريري ابقاء التوازن بين رده على باسيل وعدم تعريض حكومته في ذروة معالجتها للاستحقاقات المالية لاهتزاز خطير فاصدر عبر مكتبه الاعلامي بياناً جاء فيه: "للتذكير فقط دم الرئيس رفيق الحريري أعاد الجيش السوري إلى سوريا. إذا أراد رئيس التيار الوطني الحر زيارة سوريا لمناقشة إعادة النازحين السوريين فهذا شأنه. المهم النتيجة، فلا يجعل النظام السوري من الزيارة سبباً لعودته إلى لبنان، لأننا لا نثق بنوايا النظام من عودة النازحين. واذا تحققت العودة فسنكون أول المرحبين. البلد لا تنقصه سجالات جديدة، والهمّ الأساسي عندي اليوم كيف نوقف الأزمة الاقتصادية. واذا لم يحصل ذلك، ستنقلب الطاولة وحدها على رؤوس الجميع".
وجاء الرد الاعنف ضمناً على باسيل من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط اذ غرّد: "تذكروا انهم دخلوا على دم كمال جنبلاط وخرجوا على دم رفيق الحريري. تزورون التاريخ وتحتقرون تضحياتكم وتضحياتنا. تنهبون البلاد وتدمرون الطائف. تريدون تطويع الأمن كل الامن لصالح احقادكم الى جانب الجيش. تستبيحون الادارة على طريقة البعث لكن تذكروا اتى بكم الأجنبي وسيذهب بكم نهر الشعب".
كذلك اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع من كندا "أن البعض يسعى إلى توريطنا في مشاكل سياسية خارجية"، وشدد على "أن وزير الخارجية لا يملك الحق في اتخاذ موقف بهذا الحجم من دون العودة إلى مجلس الوزراء، والأخير لم يتّخذ يوما قراراً في هذا الشأن لا سلبا ولا ايجابا". وتمنى على الحكومة في أول اجتماع لها إصدار موقف "يؤكد أن ما قاله باسيل ينم عن موقفه الشخصي وليس موقفها كحكومة لبنانية".
وقائع ساخنة
وسرعان ما انتقل التوتر الى مجلس الوزراء مساء أمس حيث أثار الوزير وائل أبو فاعور موضوع الحريات والاستدعاءات التي يقوم بها جهاز أمن الدولة للناشطين والتمادي فيها ودعا الى وضع حد لهذا الجهاز. كما تناول خطاب باسيل وحديثه عن مؤامرة اقتصادية وتساءل "نريد ان نعرف من أركانها نحن على الطاولة وحقنا أن نعرف من أركان الانقلاب؟… وفي الخطاب هددنا (باسيل) بجرفنا وأن التيار سيجرفنا ويقلب الطاولة. ثبت أن لا أحد يستطيع وكل من وقع تحت هذا الوهم انقلب عليه… لا أحد يستطيع قلب الطاولة".
وتلاه الوزير أكرم شهيب فتحدث عن التسوية التي أوصلتنا الى الحكومة رغم الاختلاف والتناقض، محذراً من أن محاولة ضرب أي طرف يعني انتهاء التسوية.
وأعرب نائب رئيس الوزراء غسان حاصباني عن استغرابه لإثارة مواضيع خلافية مثل مسألة إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية في لحظة أحوج ما تكون فيها الحكومة إلى الاستقرار السياسي من أجل مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية لتجاوز الوضع المأسوي، مشدّداً على وجوب استبعاد كلّ الملفات الخلافية، لأن ذلك هو أحد أركان التّسوية التي تحكم اللعبة السياسية، مُعلناً ضمّ صوته إلى صوت رئيس الحكومة سعد الحريري في مخالفة وزير الخارجية البيان الوزاري والاجماع الحكومي، بحيث أنّ لبنان لا يستطيع أن يتعامل مع جامعة الدول العربية a la carte، فيتضامن معها بالنّسبة الى التوغّل التّركي في سوريا، ويخرج عن اجماعها في المسألة السورية. وأكّد موقف "القوات" الحريص على عودة النازحين السوريين، رافضاً استخدام هذه القضية كشمّاعة أو ذريعة، أو إستغلالها سياسياً، مُستذكراً فشل العاصمة الروسية ذات النّفوذ الكبير على الأراضي السورية في إعادة النازحين. وقد حذّر من بعض الزيارات وبعض الخطابات التي قد تؤدّي إلى ردّات فعل سلبية من المجتمع الدولي بما فيها العقوبات أو التردّد في الدعم المالي والاستثماري.
وشدّد الحريري على مبدأ الناي بالنفس الذي ارتكز عليه البيان الوزاري، رافضاً الردّ أو الغوص في نقاش حول خطاب الوزير باسيل. ولفت الى أن الناس همهم الاول اقتصادي ووقد اتخذنا قراراً سابقاً أن نحيد مجلس الوزراء عن التشنجات.
وعكس وزير الاعلام جمال الجراح الأجواء التي سادت الجلسة بقوله: "كان هناك تقدم بشكل ايجابي في موضوع الاصلاحات، وتسلمنا أوراق عمل من كل الأحزاب والقوى السياسية، ولكن في الحقيقة نلمس بعض التلكؤ في اقرار بعض البنود حتى المقدمة من هذه القوى بموجب أوراق عمل رسمية. في بداية الجلسة حصل تقدم في موضوع الاصلاحات والبنود التي يجب أن تتضمنها الموازنة، ومن ثم لاحظنا بعض التراجع والأخذ والرد في مواضيع من المفترض أنها كانت حسمت في جلسات سابقة. هذا الأمر لن يوصل الى نتيجة وينعكس سلباً على ادائنا كمجلس وزراء ويؤخر إقرار الموازنة، وهذا شيء غير مطلوب". وأضاف الى انه "كان من المفترض ان تكون جلسة اليوم (أمس) نهائية، خصوصا للمواد التي يجب ان تتضمنها الموازنة. في كل الأحوال لم نصل الى نقطة صعبة وستعقد لجنة الاصلاحات اجتماعا لها عند الساعة الخامسة والنصف من عصر الأربعاء، وسنعود لنحسم البنود العالقة وهي يجب ألا تكون عالقة لأنه تم بتها في جلسات سابقة وسنحسم في الاجتماع هذا الأمر سلباً أو ايجاباً، لأننا لا نريد اضاعة المزيد من الوقت وهناك مهل دستورية داهمة في 15 تشرين الأول أو في الحد الاقصى 22 تشرين الأول الجاري ويجب ان ننجز الموازنة ونرسلها الى المجلس النيابي، هكذا يقول الدستور".
رسائل التقدمي
أما الرد الأعنف العلني للحزب التقدمي الاشتراكي، فجاء في التظاهرة التي نظمتها "منظمة الشباب التقدمي" من الكولا الى ساحة الشهداء حيث ألقى الوزير أبو فاعور كلمة "نارية" حمل فيها بعنف على "أجهزة أمنية كانت منسية وكادوا يقولون عنها أنها أجهزة من دون جدوى وغير فعالة كجهاز أمن الدولة تتحول اليوم الى "بوليس سري" يلاحق الديموقراطيين والأحرار وتتحول بدعم سلطوي الى "زوار عتمة" يحاولون تقييد الحريات".
وقال: "يقول قائلهم بالأمس "سنقلب الطاولة"، على من ستقلبونها؟ الأزلام أزلامكم وأنتم تحتكرون كل مواقع السلطة فمن تهددون؟ أنتم عاجزون. يقول قائلهم إنه يريد الذهاب الى سوريا لإعادة النازحين. أولا من هجر هؤلاء النازحين؟ هل تذكرتكم المفقودين عندما ذهبتم لكي تفاوضوا على المواقع والرئاسات؟ اليوم تذهبون الى سوريا لتتوسلوا الرئاسة لأن هناك من قال لكم ان طريق الرئاسة يمر من دمشق".
صحيفة اللواء :
باسيل يُفجِّر مجلس الوزراء.. و"المزايدة المسيحية" تصيب الموازنة
كتبت صحيفة "اللواء " تقول : سبق الحزب التقدمي الاشتراكي بشبابه وطلابه ونوابه التيار الوطني الحر إلى الشارع، ساحة الشهداء أو ساحة الحرية.. قطع وزير الصناعة وائل أبو فاعور جلسة مجلس الوزراء، بعد اشتباك كلامي خطير مع الوزير جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، وتوجه إلى وسط بيروت، ومن هناك وجه خطاباً نارياً للعهد وتياره ووزرائه، وحتى إلى جمهوره داعياً رئيس الجمهورية ووزراء التيار للاستقالة والرحيل، متهماً العهد وفريقه بأنهم هم "المؤامرة الاقتصادية"، ومطالباً الرئيس سعد الحريري بالحد من "الدور البوليسي" لأحد الأجهزة الأمنية، في ما يشبه الهجوم الاستباقي، من زاوية ان الهجوم هو اسلم وسائل الدفاع..
التصعيد السياسي بلغ اوجه بمطالبة الحزب الاشتراكي على لسان الوزير أبو فاعور في ساحة الشهداء باستقالة رئيس الجمهورية، في وقت تمكن فيه الرئيس الحريري من إعادة النقاش إلى سكة الموازنة التي عادت واصيبت بسهام "المزايدة المسيحية" على خلفية التراجع عن زيادة TVA والمزايدة في التراجع، بعدما كان تمّ الاتفاق في لجنة الإصلاحات المالية، التي سيعاد إليها هذا الملف، قبل تحديد موعد جلسة جديدة لمجلس الوزراء.
باسيل ينسف الجلسة
وبخلاف ما كان متوقعاً بأن ينسف كلام الوزير جبران باسيل في احتفال ذكرى 13 تشرين، جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس، خصوصاً وأن هذا الكلام اثار ردود فعل سياسية ومواقف هاجمت موقفه، داخل الحكومة وخارجها، من دون ان تلقى رداً منه أو من وزرائه في "التيار الوطني الحر"، مكتفياً، كما يبدو ببيان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري الذي "امتص" عزم وزير الخارجية على زيارة سوريا لإعادة النازحين السوريين، حينما ذكّره بأن دم الرئيس رفيق الحريري هو الذي أعاد الجيش السوري إلى سوريا، وبالتالي فإنه "إذا أراد زيارة سوريا فهذا شأنه"، فإن الذي اثار غضب الرئيس الحريري ودفعه إلى رفع الجلسة من دون تحديد موعد جديد، لم يكن بسبب لا موقف باسيل من موضوع زيارة سوريا، ولا الهجوم الناري الذي شنّه الوزير وائل أبو فاعور على باسيل و"التيار العوني"، والذي كان ما قاله بعد ذلك في ساحة الشهداء لم يكن سوى 10 في المائة مما قاله في مجلس الوزراء، بل كان بسبب تراجع قوى سياسية في الحكومة، على حدّ تعبير وزير الإعلام جمال الجراح، عن بنود إصلاحية تمّ التوافق عليها بأن تتضمنها الموازنة.
وإذا كان الوزير الجراح، لم يسم هذه القوى، نزولاً عند رغبة وزير المال علي حسن خليل، الذي اختلى به قبل تلاوة المقررات الرسمية للجلسة، متمنياً عليه عدم الإدلاء بأي معلومات، فإن المعلومات التي أثارت انزعاج وزير المال ودفعه للقول للصحافيين كما قال كمال صليبي: "هذا البلد بيت في منازل كثيرة"، تحدثت بأن الوزير باسيل هو المقصود باتهام التراجع عما كان اتفق عليه في لجنة الإصلاحات والتي تضم ممثلين عن جميع مكونات الحكومة، ومن ضمنهم التيار الذي يمثله في اللجنة الوزير سليم جريصاتي.
اتفاق لم يصمد
وبحسب مصادر وزارية، فإن الاجتماعين اللذين عقدهما الرئيس الحريري مع الوزير باسيل في الأسبوع الماضي، في "بيت الوسط" بعيداً عن الإعلام توصلا إلى نوع من اتفاق على مجموعة من الاقتراحات لكي تتضمنها الموازنة، سبق ان تمّ التداول بها مؤخراً، ومن بينها، تجميد زيادة الرواتب والأجور لمدة ثلاث سنوات، والتدرج في رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 في المائة على الكماليات فوراً، وزيادتها تدريجياً إلى 15 في المائة على باقي الأصناف الخاضعة للضريبة، على ان يطبق نصف هذه الزيادة في العام 2021 والنصف الآخر في العام 2022، وكذلك زيادة الحسومات التقاعدية من 6 إلى 8 في المائة عن زيادة الرسم على المشروبات الروحية والدخان، وافكار أخرى.
لكن الرئيس الحريري وفق ما كشفته المصادر فوجئ بمحاولات عدّة من الوزير باسيل للمماطلة، والتوقف عند كل بند لمناقشته وإطالة البحث فيه، وعندما تمّ التطرق إلى البند المتعلق بزيادة الضريبة على القيمة المضافة TVA وغيرها من الرسوم، رفض باسيل الموافقة على هذا البند، رغم انه كان أبدى موافقته عليه مسبقاً، واللافت في الأمر ان نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني وافق باسيل على رفض وضع الضرائب إذا لم يتم وقف التهريب وضبط الجمارك والحدود البرية.
وفي تقدير المصادر الوزارية، ان اتفاق الحريري - باسيل على السلة الضرائبية، نسفه لاحقاً لقاء الساعات السبع الذي جمع باسيل مع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي حذره في هذا اللقاء من أية محاولة لفرض ضرائب على الفئات الشعبية وذوي الدخل المحدود، وفي تقدير نصري الله ان زيادة الضريبة على الكماليات لا بدّ ان ينعكس على حاجات النّاس الاستهلاكية والمعيشية لاحقاً، وهذا الأمر هو ما اثار غضب الحريري فقرر رفع الجلسة من دون تحديد موعد جديد، مع العلم بأنه كان من المفترض ان تحسم جلسة الحكومة أمس النقاش حول مشروع الموازنة، على اني كون الإقرار النهائي في جلسة يفترض ان تكون الأخيرة تعقد الخميس المقبل في قصر بعبدا.
ولكن هل هذا يعني، انه لم تعد هناك إمكانية لاحالة الموازنة إلى المجلس النيابي قبل الموعد الدستوري المحدد يوم الثلاثاء في 22 تشرين؟
الأجواء توحي حتى الساعة بأنها متجهة باتجاه سلبي، خصوصاً وأن الوزراء نقلوا انزعاجاً كبيراً للرئيس الحريري حول ما دار من نقاش داخل الجلسة، وكذلك استياء عدد من الوزراء، لا سيما وزير المال الذي بدا عصبياً ومنزعجاً بشكل لافت، خصوصاً وأنه كان جزم قبل الجلسة بأن الموازنة أصبحت منتهية وبانتظار الإقرار النهائي، الا ان الوزير الجراح، لفت إلى اننا لم نصل إلى نقطة صعبة، وستعقد لجنة الإصلاحات اجتماعاتها عند الخامسة والنصف من عصر الأربعاء (غداً) حيث سنعود لنحسم البنود العالقة، سلباً أو إيجاباً، لأننا لا نريد إضاعة المزيد من الوقت.
اشتباك جنبلاطي - عوني
وسط هذه الأجواء، عاد الاشتباك السياسي بين الحزب التقدمي الاشتراكي و"التيار الوطني الحر"، بعد مواقف الوزير باسيل من احتفال الحدث، لا سيما حديثه عن زيارة سوريا للبحث في إعادة النازحين، وقد تنقل هذا الاشتباك بين مجلس الوزراء وساحة الشهداء، حيث نظم الحزب الاشتراكي مسيرة من الكولا إلى الساحة رفعت
شعار: "بدنا نسمعكم صوتنا"، على خلفية الدفاع عن الحريات، وأعادت إلى الأذهان مشهد 14 آذار مصغراً، حيث شارك في المسيرة، النائب السابق انطوان زهرا عن حزب "القوات اللبنانية" والنائب السابق فادي الهبر عن حزب الكتائب، والنائب السابق فارس سعيد، إلى جانب وزراء ونواب الحزب الاشتراكي.
وخلال توقف المسيرة في ساحة الشهداء، انضم الوزير وائل أبو فاعور إلى المحتشدين، وحمل بعنف على الوزير باسيل وفريقه السياسي، من دون ان يسميه، واتهمه بالتحكم بكل الوزارات وبالقرار السياسي والأمني وبالاقتصاد، ساخراً مما قاله باسيل عن تعرض لبنان لمؤامرة اقتصادية، مشدداً بأن التيار هو الذي يدمر اقتصاد لبنان بالتعطيل للوصول إلى السلطة كما سخر من تلويحه بقلب الطاولة، وسأله على من ستقلبونها، طالما الأزلام ازلامكم وأنتم تحتكرون كل مواقع السلطة، ردّ عليه في ما يتعلق برغبته الذهاب إلى سوريا متهماً اياه بأنه يريد الذهاب لتوسل الرئاسة، لأن هناك من قال ان طريق الرئاسة يمر من دمشق، معتبراً بأن ما قاله في جامعة الدول العربية عن عودة سوريا إلى حضن الجامعة يعبر عن رأيه وعن مصالحه وتياره وحزبه ولا يعبر عن موقف الحكومة.
وختم كلمته داعياً باسيل إلى الاستقالة والتيار إلى الرحيل.
وكان أبو فاعور الذي حضر الجزء الأوّل من جلسة الحكومة قد اثار كلام باسيل في الحدث، وانتقد موقفه في مجلس الجامعة، وسأل باسيل مباشرة: "أنت تقول ان هناك مؤامرة اقتصادية على العهد وتتهم فريقاً معيناً فمن تقصد، فلم يرد باسيل، وقال له عن ماذا تتكلم، فطلب أبو فاعور وضع مسألة عدم الرد في محضر الجلسة لكن الحريري رفض ذلك، طالباً من الوزراء عدم إثارة المواضيع السياسية لأن الجلسة مخصصة للموازنة".
ثم تكلم الوزير اكرم شهب ونائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني بنفس المضمون لا سيما حول رغبة باسيل بزيارة سوريا، لكن الرئيس الحريري اوقف النقاش وقال: انها جلسة للموازنة واتمنى عليكم ان تبقى مخصصة للموازنة لأننا اذا فتحنا النقاش لن ننتهي من الموازنة.
وقد سئل الوزيرسليم جريصاتي بعد الجلسة عمّا إذا ردّ وزراء التيار الوطني الحر على أبو فاعور؟ فقال : "ما حدا بيستاهل الرد".
وبدوره، أكد حاصباني "ان الوضع المالي والاقتصادي دقيق جدا ولا يحتمل الخروج عن البيان الوزاري والإجماع العربي".
واضاف :استعمال موضوع النازحين السوريين كشماعة ورفع سقف الخطاب السياسي تجاه فتح العلاقة مع النظام السوري يمكن أن يعرّض لبنان لعقوبات ويعرض الدعم الدولي للخطر.
وختم حاصباني: من يخرج عن البيان الوزاري والإجماع العربي بالنسبة للعلاقة مع النظام السوري يتحمل هو شخصيا تبعاتها على الدعم الدولي للبنان وتعريضه للعقوبات.
ردّ الحريري وجنبلاط
يُشار إلى المكتب الإعلامي للرئيس الحريري كان ردّ على كلام باسيل، مذكراً "اياه بأن دم الرئيس رفيق الحريري أعاد الجيش السوري إلى سوريا"، لكنه قال انه إذا أراد باسيل بصفته رئيس "التيار الوطني الحر" زيارة سوريا فهذا شأنه، المهم النتيجة، فلا يجعل النظام السوري من الزيارة سبباً لعودته إلى لبنان، مؤكداً انه لا يثق بنوايا النظام من عودة النازحين، ولكن إذا تحققت العودة سنكون أوّل المرحبين.
ولفت ردّ المكتب الإعلامي، وهو الثاني على الوزير باسيل في غضون 3 أيام، نظر وزير الخارجية أن البلد لا تنقصه سجالات جديدة، مشيراً إلى أن لم يتمكن البلد من وقف الأزمة الاقتصادية فإن الطاولة ستنقلب وحدها على رؤوس الجميع.
كذلك، ردّ رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي غرد قائلاً: "تذكروا انهم دخلوا (أي السوريين) على دم كمال جنبلاط، وخرجوا على دم رفيق الحريري، وحيا في تغريدة ثانية منظمة "الشباب التقدمي" على المسيرة التي نظمتها للتنديد بسياسة العهد الداخلية والخارجية، لكنه ادان التعرّض للاعراض، معتبراً ذلك ليس من أدبيات كمال جنبلاط، وطلب من المنظمة اجراء اللازم.
لجنة الاتصالات
الى ذلك، حضر وزير الاتصالات محمد شقير جلسة لجنة الإعلام والاتصالات النيابية للمرة الاولى بعد اكثر من غياب، وفي حين ارجا رئيس اللجنة النائب حسين الحاج حسن كلامه الى مؤتمر صحافي يعقده اليوم في مجلس النواب واكتفى في دردشة مع الاعلاميين بوصف شقير بالمتجاوب، اعلن شقير خلال الجلسة، بعد مطالبات للنواب، بأنه في الجلسة القادمة ستحضر شركة تاتش وفي الجلسات اللاحقة ستحضر الفا واوجيرو لتكملة الملف عن الحقبة السابقة ..
واعتبر النائب جهاد الصمد في تصريح له من المجلس أن رئيس أوجيرو يتقاضى سنويا 1013 مليون ليرة والقانون يسمح له بتقاضي 84 مليون لا أكثر.. وطالب "المراجع القضائية المختصة ولا سيما النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة المالية والنيابة العامة لدى ديوان المحاسبة بوضع يدها على هذا الملف للعمل من جهة على استرجاع المبالغ التي قبضها مدير اوجيرو والمسؤولين عن هذه الجريمة الموصوفة بحق المال العام".
بدوره، اعلن النائب جميل السيّد أنّ مبنى تاتش كلف 105 ملايين في وقت أن وزير الاتصالات محمد شقير يروج أنّه كلّف 68.
واعتبر أنّ "القضاء لا يعمل كما يجب وأنّه لا يمكن التواصل مع أحد في وزارة الاتصالات، موضحًا أنّه "عند اغلاق كل أبواب المحاسبة لم يبق لنا خيار سوى إطلاع الناس على ما يحصل، وأكّد ألا مشكلة شخصية مع وزير الاتصالات.
مسلسل الحرائق
على صعيد آخر، لفت المناطق اللبنانية سلسلة من الحرائق بسبب ارتفاع درجات الحرارة فوق معدلاتها وسرعة الرياح التي طالت مناطق عكار وكسروان والكورة وجزين وصولاً إلى جانبي الحدود في منطقة الغجر حيث عملت فرق الدفاع المدني بالتعاون مع الجيش اللبناني والبلديات وفرق الإطفاء على مكافحتها واخمادها.
وعلى صعيد الحريق الكبير الذي اندلع في منطقة المشرف والذي أتى على مساحة آلاف الأمتار المتصلة بعدد من الأبنية السكنية وطال جامعة رفيق الحريري والاحراج فقد تكثفت الجهود لاخماده حيث تمّ الاستعانة بطوافات الجيش اللبناني وقد حضرت إلى مكان الحريق وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن لمتابعة أعمال إخماد الحريق حيث اطلعت من مدير الدفاع المدني العميد ريمون خطار على سير عمليات الإطفاء والصعوبات التي تواجه فرق الدفاع المدني.
صحيفة الديار :
الحدث في سوريا "والانفجار" في بيروت: "الاشتراكي" "يكسر الجرة" مع العهد باسيل الى دمشق وزيرا للخارجية.. والحريري "يتنصل" ولا يمانع الزيارة.. عدم الاصلاحات سيكلف المواطن اموالاً… وجلسة "متوترة" لا تسقط الحكومة
كتبت صحيفة "الديار " تقول : على وقع التحولات "الدراماتيكية" في سوريا، انفجرت "القلوب المليانة" بين التيار الوطني الحر، والحزب التقدمي الاشتراكي في بيروت على نحو غير مسبوق، ما اعاد العلاقات بينهما الى ما قبل "تفاهمات" حادثة "قبرشمون"، واذا كانت الانتقادات اللاذعة من قبل مسؤولي القوات اللبنانية وفريق 14 آذار لوزير الخارجية جبران باسيل امرا معتادا في الاونة الاخيرة، فان "السقف العالي" من قبل "الاشتراكي" يطرح اكثر من علامة استفهام حيال توقيت هذا التصعيد خصوصا انه تقصد هذه المرة "كسر الجرة" مع "العهد"..
لكن اوساطاً وزارية بارزة تؤكد ان "عاصفة" الردود على وزير الخارجية لن تسقط الحكومة، ولن تمنع زيارته الى دمشق في الزمان المناسب، فيما عطلت "المزايدات" "الاصلاحية" بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر "ولادة" الموازنة بالامس على وقع توتر داخل الجلسة فشل في احتوائه رئيس الحكومة سعد الحريري الذي منح "ضوءا اخضر" لباسيل لزيارة سوريا، ولكن دون توريطه في ظل "تعطيل" اميركي- سعودي لاعادة سوريا الى الجامعة العربية..
جلسة حكومية "متوترة..
في هذا الوقت لم تنجح مساعي رئيس الحكومة سعد الحريري في ابقاء التوتر السياسي خارج مجلس الوزراء الذي لم ينجح بالامس باقرار موازنة 2020 بعدما عرقل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية "التفاهمات" السابقة واصرا على ادخال تعديات اصلاحية كان سبق واتفق على ابقائها خارج الموازنة، وعندما حصل نقاش حول امكانية زيادة الضريبة على القيمة المضافة رفض وزراء "القوات" "والتيار" الخوض بالنقاش دون اصلاحات في "متن" الموازنة، وهذا ما اثار "غضب" رئيس الحكومة الذي رفع الجلسة، فيما عبر وزير المال علي حسن خليل عن "استيائه" بكلام متوتر قال فيه بعد الجلسة: نحن لسنا دولة، نحن بيت بغرف كثيرة، هناك من لا يتحمل مسؤولياته، نحن في واد والناس في واد آخر.. وقد اكد وزير الاعلام جمال الجراح بعد الجلسة ان هناك تلكؤاً في إقرار بعض البنود المتعلّقة بمشروع قانون الموازنة وهذا ينعكس سلباً ويؤخر اقرارها.. وستعقد جلسة الاربعاء لاستكمال النقاش..
ووفقا لمصادر وزارية، اصر وزيرا الاشتراكي، وائل ابو فاعور، واكرم شهيب، ونائب رئيس الحكومة الوزير غسان حاصباني على مناقشة كلام الوزير باسيل حول سوريا في بداية الجلسة، وعندما توجه ابوفاعو بالكلام الى باسيل تعمد الاخير عدم الاستماع اليه وخاض نقاشا جانبيا مع الوزير محمد فنيش، وعندما طالب ابوفاعور برد من وزارء "التيار" رفض طلبه، وامتنع الوزراء عن الكلام، فتوجه وزير الصناعة الى الرئيس الحريري وطالبه بتسجيل هذا الرفض في محضر الجلسة، فرد رئيس الحكومة بالتاكيد على ان هذه الجلسة مخصصة فقط لنقاش الموازنة وليس اي شيء آخر.. وكان الرئيس الحريري قد اجرى محادثات ايجابية مع نقابة الافران، واعلن نقيبهم كاظم ابراهيم من السراي، تعليق الاضراب واضاف "رئيس الحكومة طلب منا مهلة 48 ساعة لحل الموضوع وكلنا ثقة به".
"التيار" والاشتراكي" "تحت صفر"..؟
في هذا الوقت ذهب لقاء "اللقلوق" بين الوزير جبران باسيل والنائب تيمور جنبلاط "ادراج الرياح"، كما سقطت التفاهمات التي ارساها النائب السابق وليد جنبلاط مع رئيس الجمهورية ميشال عون في بيت الدين وانتقلت المواجهة بين التيار الوطني الحر والعهد والحزب الاشتراكي الى "الشارع"، ووفقا لاوساط "التيار" فان التوتر لدى الاشتراكيين اسبابه معروفة وله علاقة بالفشل بكل الرهانات الداخلية والخارجية، والان لا يريد من خسر رهانته "التواضع" "ودفع الثمن".. في المقابل تشير اوساط "الاشتراكي" الى ان المشكلة مع العهد "والتيار" انهما لا يلتزمان بالمواثيق او العهود وثمة محاولة "لكم الافواه" واستهداف الحزب الاشتراكي ومحاولة التفرد بقرارات استراتيجية دون التوقف عند رأي شريحة كبيرة من اللبنانيين، ولذلك لم يعد بالامكان السكوت عما يحصل..
هجوم ابوفاعور
وفيما دعا النائب مروان حمادة الى ذهاب الوزير باسيل الى سوريا دون عودة، شن وزير الصناعة وائل أبو فاعور هجوما "عالي السقف" ضد وزير الخارجية في المسيرة التي نظمتها منظمة الشباب التقدمي في الحزب التقدمي الاشتراكي بعد ظهر امس تحت عنوان "بدنا نسمعكم صوتنا" في ساحة الشهداء. وقال: "أنتم المؤامرة الاقتصادية على لبنان، تدمرون الاقتصاد لأنكم تبحثون عن تجديد تواجدكم في السلطة، وهناك فريق سياسي يتحكم في كل الوزارات والقرار السياسي والأمني. تضعون الأزلام وأولاد الأزلام ونساء الأزلام في السلطة، استقيلوا. تتحدثون عن قلب الطاولة، على من؟ الطاولة طاولتكم والأزلام أزلامكم، تحتكرون الطاولة ومن عليها. أنتم عاجزون". وتابع: "قال قائدهم في الأمس بمشهد بطولي أنه يريد الذهاب الى سوريا من أجل إعادة النازحين، قلتم سابقا إنكم ستذهبون لاستعادة المفقودين، وأنتم اليوم لا تذهبون الى سوريا من أجل إعادة النازحين، بل تذهبون لتتوسلوا الرئاسة لأنه قيل لكم إن طريق الرئاسة يمر من دمشق وآن الأوان لأن يقول لكم الشعب ارحلوا". كما انتقد ابوفاعور الأجهزة الأمنية وقال انها تتحول اليوم الى بوليس سري يلاحق الديمقراطيين والأحرار. وقال ابو فاعور لدى عودته الى مجلس الوزراء: ما قلته في ساحة الشهداء يشكل 10 بالمئة مما قلته في جلسة الحكومة،من جهته قال الوزير سليم جريصاتي لدى سؤاله عما اذا كان هناك من رد على كلام ابو فاعور في الجلسة رد قائلا: هل احد يستأهل الرد..؟
متى يزور باسيل دمشق؟
ووفقا لتلك الاوساط، يتم دراسة موعد زيارة باسيل بدقة متناهية لتتلائم مع الظروف الداخلية السورية حيث تنشغل القيادة في دمشق بمعالجة آثار العدوان التركي على اراضيها، فيما يستعد الجيش الاميركي للانسحاب في تحول "دراماتيكي" سيترك تأثيراته المباشرة على لبنان والمنطقة..وفي هذا السياق ينتظر رئيس التيار الوطني الحر في "قصر بسترس" وليس في "ميرنا الشالوحي" تحديد جدول مواعيده في العاصمة السورية عندما يصبح المسؤولون هناك جاهزين لبحث ملف العلاقات الثنائية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية وليس فقط ملف النزوح…
ما هو موقف سوريا؟
ووفقا لزوار العاصمة السورية، فان دمشق لا تبالي بكل "الصراخ" الدائر في بيروت "والمناوشات" الكلامية بين المسؤولين اللبنانيين، وهي ستستقبل باسيل بصفته وزيرا لخارجية لبنان، وليست معنية بحالة "انفصام الشخصية" الذي تعاني منه بعض القيادات اللبنانية، واذا كانت هذه الزيارة قد تأخرت عن موعدها المفترض، الا ان ثمة تفهماً يشوبه بعض "العتب" في العاصمة السورية، حيال تعقيدات الوضع اللبناني المتصلة ايضا بالمناخات الاقليمية والدولية التي فرضت على البعض "التريث" في المبادرة او التردد في الاقدام على خطوات ضرورية لاعادة العلاقات الى سابق عهدها..
"الضوء الاخضر" من الحريري؟
وفي هذا السياق، يبدو ان كل الاطراف اللبنانية الحليفة والمعادية للنظام السوري باتت تدرك اليوم ان ملف الازمة السورية وضع على "نار حامية"، وقد لمس رئيس الحكومة سعد الحريري هذا الامر خلال زياراته الى الامارات العربية المتحدة حيث تم التداول بكيفية الاستفادة من موقع لبنان لتسهيل المشاركة في الاستثمار في سوريا، وهذا ما يفسر "الضوء الاخضر" الذي منحه رئيس الحكومة لباسيل للقيام برحلته السورية عبر بيان "ملتبس" في عباراته واضح في مقاصده لجهة ايكال هذا الدور لوزير الخارجية على ان يستفيد الجميع في وقت لاحق من المردود السياسي والاقتصادي، ولهذا لم يصوب بيان رئاسة الحكومة على اعلان باسيل عزمه على زيارة سوريا، بل "فتح" نقاش حول من اخرج الجيش السوري من لبنان، بعدما نسب رئيس التيار الوطني الحر لتياره السياسي الفضل في اعادة هذا الجيش الى بلاده ..
وبعد نفي باسيل ان يكون قد اعلن ان "زيارته لسوريا قريبة"، قال الحريري في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي "للتذكير فقط… دم الرئيس رفيق الحريري اعاد الجيش السوري إلى سوريا. إذا اراد رئيس التيار الوطني الحر زيارة سوريا لمناقشة إعادة النازحين السوريين فهذا شأنه… المهم النتيجة، فلا يجعل النظام السوري من الزيارة سبباً لعودته إلى لبنان، لأننا لا نثق بنيّات النظام من عودة النازحين… واذا تحققت العودة فسنكون اوّل المرحبين". واضاف "البلد لا تنقصه سجالات جديدة، والهمّ الأساسي عندي اليوم كيف نوقف الأزمة الاقتصادية. واذا لم يحصل ذلك، ستنقلب الطاولة وحدها على رؤوس الجميع".
كما انضم النائب السابق وليد جنبلاط الى "منازلة" "بيَي اقوى من بيّك" فغرد عبر "تويتر"، قائلا"تذكروا انهم دخلوا على دم كمال جنبلاط وخرجوا على دم رفيق الحريري. تزورون التاريخ وتحتقرون تضحياتكم وتضحياتنا. تنهبون البلاد وتدمرون الطائف. تريدون تطويع الامن كل الامن لصالح احقادكم الى جانب الجيش. تستبيحون الادارة على طريقة البعث لكن تذكروا اتى بكم الاجنبي وسيذهب بكم نهر الشعب".
تشكيل لجنة لاعادة الاعمار..!
ووفقا لاوساط وزارية بارزة، لا يأتي "فتح" ملف العلاقات مع سوريا دون مقدمات موضوعية، فالاجواء في الجامعة العربية باتت مهيئة اكثر من اي وقت مضى لاعادة النظار في الملف السوري، حيث تلعب مصر والعراق دورا محوريا في "تعبيد الطريق" امام هذه العودة، كما بدا القرار الاميركي بالتسليم بالدور الروسي- الايراني يترجم على ارض الواقع في الشمال السوري، وهذه المعطيات يدركها المسؤولون اللبنانيون جيدا، لكن الاهم بالنسبة اليهم هو "سريان" معلومات موثوقة عن تشكيل لجنة لبنانية - سورية تضم من الجانب اللبناني شخصيات مقربة من دمشق دورها سيكون دراسة ملفات الشركات والافراد الذين يرغبون مستقبلا بالمشاركة في عملية اعادة الاعمار…
"فيزا" من حارة حريك..؟
وفي هذا السياق سمع بعض زوار العاصمة دمشق كلاما واضحا يشير الى ان التجربة السورية مع البعض في لبنان كانت مريرة خلال سنوات الحرب، وكان حياد البعض اشد ايلاما مع عدائية الاخرين، بينما هناك من دفع دماً للدفاع عن سوريا وشعبها، ولذلك من يريد الذهاب الى دمشق في المستقبل عليه ان يحصل على "فيزا" من "حارة حريك"…
الفراغ في اسرائيل "يعلق" "الترسيم"..
وعلى وقع استياء الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الازمة السياسية في اسرائيل والتي ترجمت عدم مبادرته الى اجراء اتصال مع رئيس الحكومة الاسرائيلية المكلف بنيامين نتانياهو، ارجأ مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر زيارته الى بيروت والتي كانت مقررة منتصف الشهر الجاري في اطار استكمال مهمة ترسيم الحدود البحرية والبرية الجنوبية، وكما ارجأت ادارة الرئيس الاميركي الاعلان السياسي عن "صفقة القرن" لعدم وجود حكومة اسرائيلية، فقد تم تأجيل التفاوض مع لبنان بانتظار انتهاء ازمة تشكيل الحكومة في اسرائيل كونها الجهة الرسمية المخولة المصادقة على اي تفاهم مفترض..
صحيفة الأخبار :
جنبلاط في الشارع: اختراع عدو وإحراج رئيس الحكومة | الحريري "يحرد" بعد فشله في زيادة الـ
كتبت صحيفة "الأخبار " تقول : لم ينجح النائب السابق وليد جنبلاط في نقل توتّره من الشارع إلى طاولة مجلس الوزراء. فجبران باسيل وأعضاء تكتله تجاهلوا هجوم وزراء جنبلاط عليه. لكن "الحرد" كان من نصيب الرئيس سعد الحريري الذي رفع جلسة الحكومة بعد فشله في فرض زيادة ضريبة القيمة المضافة
فعلها النائب السابق وليد جنبلاط، وتقدّم القوى السياسيّة بالنزول الصاخب إلى الشارع. حشد كبير من الاشتراكيين انطلق من الكولا، بعد ظهر أمس، ليتجمهر حول خطاب ناري للوزير وائل أبو فاعور في ساحة الشهداء، وهو يرفع سقف الصراع السياسي في البلاد... من دون مبرّر!
أجندة جنبلاط ليست واضحة هذه المرّة، مثل مرّات سابقة كثيرة، وباعترافه، منها تلك التي سمّاها "لحظة تخلّ"، أو تلك التي سمّى فيها نفسه "أداةً بأيدي الدول" خلال "مراسم" تكريم السفير السوري علي عبد الكريم علي في المختارة، قبل سنوات قليلة.
في الداخل، تتّفق القوى السياسية، أو غالبيتها، على إبقاء الصراع الداخلي تحت التسوية الرئاسية. حتى حزب القوات اللبنانية، وهو أحد أبرز المتضررين من التسوية، يحاذر التصعيد والاقتراب من أي تأثير فعلي على الاستقرار. وحده جنبلاط بات يقارب لعبة الأمن، كما في قبرشمون وقبلها، كذلك في لعبة الشارع أمس.
مفهومٌ هذا القلق الجنبلاطي. فآخر الرهانات الإقليمية التي عوّل عليها... مع فارس سعيد، سقطت جميعها بالضربة القاضية على أرض سوريا، مع انتشار الجيش السوري أمس في الشرق السوري وإعلان الميليشيات تسليمها مناطقها لدمشق برعاية روسية مباشرة وإيرانية غير مباشرة، وترحيب دولي غير معلن، وتعاطف عربي مع سوريا. أمّا في الداخل، فأتى الغطاء المقنّع الذي منحه الرئيس سعد الحريري لإعلان الوزير جبران باسيل عزمه على زيارة دمشق، صاعقاً على جنبلاط، في هذا التوقيت الدقيق.
وإذا كان القلق مفهوماً، فإن ردّ الفعل الجنبلاطي غير مفهوم، بوقوعه خارج السياق الإقليمي والدولي والمحلي. فما الذي يدفع جنبلاط إلى التحرّك في هذا التوقيت ضد سوريا، معاكساً المناخ المصري والإماراتي وحتى السعودي؟ وما الذي يدفعه لرفع السقف ضد الرئيس ميشال عون وباسيل، بعدما سحب عون فتيل التفجير في الجبل قبل شهر، وقَبِلَ بترحيب الوزير أكرم شهيّب به في قصر بيت الدين، كرمى للتهدئة، مانحاً جنبلاط شحنةً من الدعم المعنوي؟
تقتنع أكثر من شخصية سياسية بارزة في البلاد بأن التصعيد هو وسيلة جنبلاط الوحيدة اليوم للتعبير عن أزمته. ويضع هؤلاء الهجوم المفاجئ على العهد وباسيل في الأيام الماضية، "كردّ فعلٍ أوّلاً على عدم قبول عون لفلفة قضية قبرشمون، وقيام القوى الأمنية بتوقيف بعض الاشتراكيين أخيراً"، فضلاً عن "حاجته إلى خلق عدوّ في التجاذب الداخلي يساعده على شدّ عصب مناصريه، فيستسهل الهجوم على باسيل وعون".
أما السبب الثاني بالنسبة إلى هؤلاء، فهو محاولة جنبلاط المزايدة على الحريري وإحراجه في ملفّ العلاقة مع سوريا، بعدما شعر بأن رئيس الحكومة لم يعد في موقع المعرقل لحصول تواصل رسمي حكومي مع الحكومة السورية.
أبو فاعور عبّر عن الموقف الجنبلاطي العالي السقف أمس، في ساحة الشهداء، بقوله: "أنتم المؤامرة الاقتصادية على لبنان، تدمرون الاقتصاد لأنكم تبحثون عن تجديد تواجدكم في السلطة، وهناك فريق سياسي يتحكم في كل الوزارات والقرار السياسي والأمني. تضعون الأزلام وأولاد الأزلام ونساء الأزلام في السلطة، استقيلوا. تتحدثون عن قلب الطاولة، على من؟ الطاولة طاولتكم والأزلام أزلامكم، تحتكرون الطاولة ومن عليها. أنتم عاجزون". وأضاف أبو فاعور عن باسيل من دون أن يسميه: "قال قائدهم بالأمس في مشهد بطولي إنه يريد الذهاب الى سوريا من أجل إعادة النازحين، قلتم سابقاً إنكم ستذهبون لاستعادة المفقودين، وأنتم اليوم لا تذهبون الى سوريا من أجل إعادة النازحين، بل تذهبون لتتوسلوا الرئاسة، لأنه قيل لكم إن طريق الرئاسة يمر من دمشق، وآن الأوان لأن يقول لكم الشعب ارحلوا".
هذا الموقف قاله وزير الصناعة بعد خروجه من جلسة مجلس الوزراء التي عُقِدت أمس في السراي. وعلى طاولة الحكومة، قال أبو فاعور، مع زميله شهيّب، الموقف نفسه، وبمنسوب الصراخ نفسه. الوزير باسيل، في المقابل، ترك مقعده، واتجه نحو "البوفيه"، وصبّ لنفسه الشاي. وبعد انتهاء أبو فاعور، طلب وزير الدفاع الياس بوصعب الكلام، فقال له شهيّب: انتظر لأنني أريد أن أضيف شيئاً. هاجم شهيّب العونيين بحدّة أيضاً. وما إن انتهى حتى قال بوصعب متوجهاً إلى الحريري: "تعرفون أنني مدعو إلى مؤتمر وعليّ المغادرة، لكن أريد أن ألفت نظركم إلى مسألة الموازنة العامة". فوجئ الحاضرون بتجاهل بوصعب، وجميع زملائه في تكتل لبنان القوي، لكلام شهيب وأبو فاعور. فقد طلب وزير الدفاع تأجيل بتّ البنود الخاصة بموازنة الجيش وقوى الأمن إلى حين عودته من السفر. وهذا ما كان.
لكن الجلسة لم تنتهِ من دون "مشكلة". فعندما بدأ مجلس الوزراء البحث في "الأوراق الاقتصادية" التي تلقّتها "لجنة الإصلاحات" من المكوّنات الحكومية، اقترح الحريري زيادة نقطة مئوية على ضريبة القيمة المضافة، لتصبح 12 في المئة، فضلاً عن زيادة الضريبة نفسها على الكماليات، طالب وزراء حزب الله بوضع لائحة لتحديد الكماليات لكي لا يُستغل ذلك لكي تشمل الضريبة سلعاً أساسية. كذلك أبلغ وزير الشباب والرياضة الوزير محمد فنيش الحريري رفض حزب الله لزيادة الضريبة على القيمة المضافة. مباشرة، عبّر باسيل عن رفض تكتل لبنان القوي لزيادة الـTVA، فوقف الحريري ورفع الجلسة "حرداناً". ولم يُعرف مصير نقاشات الموازنة التي ينبغي أن تُحال على مجلس النواب قبل الثلاثاء المقبل.
صحيفة الجمهورية :
الأزمة الإقتصادية تتحوَّل سياسية... وتؤخِّر إقرار الموازنة
- كتبت صحيفة "الجمهورية " تقول : إحتقنَت في الاقتصاد والمال وانفجرت في السياسة، لتنثر في الاجواء علامات استفهام حول الغاية من دفع الوضع اللبناني الى هذا المستوى من التوتر، خصوصاً أنّ من شأنه أن يُلقي تعقيدات إضافية تُفاقم الأزمة على مختلف المستويات. فالمواطن انتظر حلولاً للأزمات، فإذا به يلقى مساجلات بين من يفترض بهم إيجاد المعالجات، وقد تفاجأ كثيرون باستحضار ملفات خلافية سياسية مثل ملف العلاقة مع سوريا وغيره، طارحاً البحث في العلاجات اللازمة لها فيما الأزمة الاقتصادية والمالية هي التي تحتاج الى معالجة سريعة ومُلحّة من خلال إقرار موازنة 2020 مُتضمّنة إصلاحات تستجيب لمتطلبات مؤتمر "سيدر" والدول المانحة، وكذلك من خلال اتخاذ مزيد من الاجراءات والضوابط التي توقِف الهدر في المال العام وتَضع البلاد على سكّة المكافحة الفعلية للفساد. أوّل غيث الخلافات السياسية كان بين الحزب "التقدمي الاشتراكي" و"التيار الوطني الحر"، وشَكّلت تغريدة رئيس الحزب وليد جنبلاط، تعليقاً على إعلان رئيس "التيار" الوزير جبران باسيل انه ذاهب الى سوريا، بداية التصعيد الذي استُكمِل بمسيرة منظّمة "الشباب التقدمي" في يوم إضراب الافران أمس من الكولا الى ساحة الشهداء، والتي انتهت بانتقادات نارية وَجّهها الوزير وائل ابو فاعور الى باسيل، حيث اتهمه بأنه ذاهب الى سوريا لـ"تَوَسّل" رئاسة الجمهورية، لينتقل التوتر بعدها الى طاولة مجلس الوزراء في السراي الحكومي حيث كانت جلسة عاصفة بين المُتساجلين الاشتراكيين والعونيين، الأمر الذي اذا استمرّ فإنه قد يؤدي الى عدم إقرار موازنة 2020 ضمن المهلة الدستورية لإحالتها الى مجلس النواب التي تنتهي الثلثاء المقبل، حيث يبدأ العقد التشريعي العادي الثاني لهذا المجلس.
خلاصة ما انتهى اليه إضراب الافران والسجال الدائر حول الازمات السياسية والاقتصادية والمالية، كانت فشل مجلس الوزراء في إقرار موازنة 2020 وإحالتها الى مجلس النواب في موعدها الدستوري الذي يستحق اليوم، وساد مساء أمس جو من التشاؤم إزاء مصير هذه الموازنة بعدما تبيّن انّ المواقف خلال الجلسة انقسمت بين داعية الى إقرارها مخفوضة العجز عبر زيادة بعض الضرائب، وأخرى تمسّكت بإقرارها ضمن سلّة متكاملة تتضمن الاصلاحات والاجراءات الضريبية والكهرباء، وإلّا لا موازنة.
ولعل أبسط ما يُقال عن جلسة مجلس الوزراء، التي خصّصت لمتابعة مناقشة الموازنة وقيل انها نهائية قبَيل جلسة الاقرار في القصر الجمهوري، أنها عكست الارباك الذي تتخبّط فيه الحكومة، وزادَها "بلّة" المواقف التي فجّرها باسيل في ذكرى 13 تشرين.
ولعلّ حالة الغضب التي سيطرت على وزير المال علي حسن خليل، دفعته الى القول لدى خروجه: "نحن بدولة مش دولة، والناس بمكان ونحن بمكان آخر ولا تَحمّل للمسؤولية"، مُستشهداً بقول كمال صليبي: "نحن في بلد بيت بمنازل كثيرة".
وقد عكس موقف خليل المشهد الذي وصلت اليه الحكومة في إدارة درس الموازنة. وعلمت "الجمهورية" انّ النقاش احتَدّ في ربع الساعة الاخير من الجلسة، قبل ان يرفع رئيس الحكومة سعد الحريري صوته قائلاً بحدّة: "إذا هَيك بدّو يكفّي النقاش بَلاها الجلسة من أصلها".
ورفع الحريري الجلسة مُغادراً القاعة.
وقالت مصادر وزارية لـ"الجمهورية" انّ "ما حصل يطرح سؤالاً كبيراً هو: هل هناك أجندات مخفية عند كل فريق؟". ورأت انّ "موقف باسيل كشفَ السياسة التي يتّبعها وظهرت واضحة، فإمّا السلة الكاملة أو لا موازنة. والسلة الكاملة هي: إجراءات ضريبية، اجراءات اصلاحية وقوانين، موازنة وكهرباء، معاً في مشروع واحد، الأمر الذي رفضه خليل رفضاً قاطعاً.
وعلمت "الجمهورية" انّ خليل خاطبَ باسيل قائلاً: "سبق وأكدت انني لن أحمل الموازنة فرساناً اتّضَح من خلال تجربة موازنة الـ 2019 انها غير ذي جدوى، واستُنزِفنا بدون فائدة، كما اننا لن نسير في أي ضرائب جديدة. نحن التزمنا المهل الدستورية، وأكدنا اننا سنحيل مشروع الموازنة قبل انتهاء المهل، أما الأمور الأخرى فناقشوها على حِدة من الآن، وحتى نهاية السنة نناقش جنس الملائكة فيما المطلوب إقرار الموازنة وأشرفنا على الانتهاء منها".
باسيل
وقالت مصادر "التيار الوطني الحر" لـ"الجمهورية" انّ باسيل ظل خلال الجلسة مُنكَبّاً على درس الموازنة، ولم يُعِر كلمة ابو فاعور اي انتباه، فيما اشار رئيس الحكومة الى ضرورة عدم اثارة اي مواضيع خارج جدول الاعمال، ولم يعلّق أحد من الوزراء على كلام ابو فاعور.
واشارت الى انّ باسيل استكمل مناقشة نقاط اساسية في الموازنة، ومناقشة نقاط مرتبطة بها، وأكد موقفه السابق المشدّد على وجوب إقرار الموازنة مقرونة بالاصلاحات. واكدت انّ كلام وزراء "القوات" اللبنانية جاء متجانساً مع مطالب باسيل بالنسبة الى الموزانة.
الحريري
وعلمت "الجمهورية انّ الحريري استهلّ الجلسة سائلاً: "هل يريد احد الكلام قبل ان نبدأ مناقشة الموازنة؟"، وذلك في خطوة بَدت انها متّفَق عليها مسبقاً.
فطلب ابو فاعور الكلام وبلهجة قاسية، انتقل من الكلام عن حماية الحريات الى الاستدعاءات التي يقوم بها جهاز امن الدولة، واستخدم عبارات في وصفه عالية السقف، ثم تطرّق الى مواقف باسيل وسمّاه بالاسم متوجّهاً إليه بالقول: "اللي بَدّو يجرفنا لم يقرأ التاريخ، وإذا كان لا يعرف التاريخ نَنصح ان يقرأوه له. نحن مَن يَجرف، ومنذ وجدنا معاركنا كلها رابحة". ووصف ابو فاعور خطاب باسيل بـ"الصهيوني" وتوجّه اليه سائلاً: "انت قلت انّ هناك من يتآمَر على البلد وعلى الاقتصاد، واذا كانت لديك الجرأة أعطي الاسماء الآن أمام مجلس الوزراء".
فلم يجب باسيل، وتلهّى بأمور جانبية وهو يحتسي "الشاي". عندها، خرج ابو فاعور، ثم عاد غاضباً جداً وبَدا مستاء جداً. وقال: "انا لم أسمع الجواب". وتوجّه الى رئيس الحكومة قائلاً: "انت يا دولة الرئيس مسؤول عن جهاز أمن الدولة، ويجب ان تستدعي قائد الجهاز وتستجوبه في ما يحصل. ونطلب منك ان تسأل الآن مَن قصد جبران باسيل بالذين يتآمرون على الدولة؟ وإلّا فهم يفترون ويجب ان نوضِح هذا الامر الآن".
وسانَد الوزير اكرم شهيّب ابو فاعو،ر قائلاً: "النبع بينبع من رأس الجبل وبينزل نزول، والجبال هي التي تجرف والسيول تسير من فوق الى تحت، في إشارة الى موقع الجبل".
وغادر شهيّب وابو فاعور للمشاركة في تظاهرة منظّمة "الشباب التقدمي" الى ساحة الشهداء.
أجواء إيجابية
وإذ استهلّ النقاش في الموازنة وكانت الاجواء ايجابية، تحوّل فجأة نقاشاً عقيماً. ولكن تبيّن من طريقة تغيير مسار النقاش، انّ المطلوب هو عدم الوصول الى إخراج الموازنة، بحسب مصادر وزارية كشفت أنّ الحريري وباسيل طلبا تضمينها الاجراءات الضريبية الثلاثة tva والبنزين والدخان، فرفض وزراء حركة "أمل" و"حزب الله" و"القوات" هذا الامر. لكنّ باسيل اقترح فجأة السلّة الكاملة، فردّ الحريري انه يريد إنهاء الموازنة، وقال: "هناك إجراءات صعبة علينا جميعاً تحمّلها، هناك إصلاحات اتفقنا عليها يمكن تضمينها في مشروع الموازنة، والأمور الأخرى نناقشها بعد إحالة الموازنة الى المجلس النيابي ضمن المهلة الدستورية".
وإذ رفض وزراء "حزب الله" المَسّ بتقديمات الموظفين في القطاع العام، طلب "التيار الوطني الحر" العودة الى النقاش في مشروع الموازنة "بالقُلب". فتوتّر الجو واستاء وزير المال، فما كان من رئيس الحكومة إلّا أن رفع الجلسة من دون تحديد أي موعد آخر. ولكن لاحقاً، حددت الدوائر هذا الموعد اليوم.
عبدالله
وفي المواقف، أكّد عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبدالله أنّ أساس "تحرّكنا في الأمس كان لدعم الحريات، مقابل سياسة سجن وملاحقة المدوّنين الذين يعبّرون عن رأيهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فيُجابَهون بإجراءات تعسفية وصلت الى حد اعتقالهم، وتحميلهم والاعلام مسؤولية الأزمة الإقتصادية. أضِف الى ذلك خطاب الوزير باسيل الذي ذهب بعيداً في خياراته السياسية، وعاوَد استحضار تعابير تُشَنِّج الشارع".
وقال عبدالله لـ"الجمهورية": "المسألة ليست مسألة فعل وردّة فعل، هناك مؤشرات واضحة الى رغبة هذا الفريق بالانقضاض على النظام، فما الذي يقصده بقلب الطاولة؟ هل يريد قلب الطاولة على الحكومة ورئيسها؟ فليقلها بصراحة: لم نعد نريد سعد الحريري، لم نعد نريد إتفاق الطائف، ونريد الالتحاق بمحور الممانعة".
وأضاف: "هناك ما يعرف المصلحة الوطنية العليا، لم يعد مسموحاً أن يستأثروا بها، كما حصل في جامعة الدول العربية، حيث عكسَ باسيل موقفه الخاص وليس موقف الدولة الرسمي، وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها باسيل مواقف مماثلة، وقد تأخّر مجلس الوزراء في وضع يده على الموضوع، كان يجب مساءلته سابقاً لكي لا يصل به التمادي الى هذا الحدّ". وختم: "السكوت لم يعد جائزاً بعد اليوم".
الحجّار
واستغرب عضو كتلة "المستقبل" النائب محمّد الحجّار "المواقف التحريضة التي تصدر من الأطراف السياسية، ولا تخدم المواطن ولا تخرجه من أزمته الإقتصادية". وقال لـ"الجمهورية": "هذه المرحلة إقتصادية بامتياز، والمطلوب البحث عن حلول لأزماتنا، فالبلد سينهار وأيّ سجال مهما كانت طبيعته لن يخدم الحلّ، لأنّ التصعيد سيقابله التصعيد والسقف العالي سيقابله السقف العالي، والنتيجة ستكون تضييع البلد في خضَمّ السجالات".
وعن موضوع عودة سوريا الى جامعة الدول العربية، لفت الى أنّ المكتب الاعلامي للحريري أوضح موقف لبنان الرسمي من هذا الموضوع، وكذلك حَدّد بيان القاهرة الخطوات الضرورية لكي تتمكن سوريا من العودة الى الجامعة.
وعن موضوع زيارة باسيل لسوريا قال الحجار: "لن يكون هناك موقف رسمي للحكومة اللبنانية من هذه الزيارة أو أيّ زيارة يقوم بها أيّ وزير آخر في هذا التوقيت، فهذه الزيارة تتعلّق به وحده". وقال: "اذا حقّق باسيل من زيارته الهدف الذي قال انه ذاهب لأجله، وهو إعادة النازحين، فنحن أكثر من يتمنّى ذلك اليوم قبل الغدّ، أمّا اذا كان الهدف عودة النظام السوري الى لبنان، فهذا موضوع آخر".
أزمة وراء أزمة
إقتصادياً، ما ان تَخبو أزمة حتى تطلّ أخرى، وكأنّ البلد قد دخل في مدار الأزمات والمطبّات المتتالية. ويبدو جليّاً انّ ما يشهده اليوم من أزمات طحين ودواء ومحروقات، هي مجرد إفرازات للأزمة الكبرى المتمثّلة في الكارثة المالية والاقتصادية التي تقترب أكثر فأكثر.
وفيما نجح رئيس الحكومة سعد الحريري في تجميد أزمة الرغيف في الأفران لمدة 48 ساعة، برزت أمس أزمة صحية على مستوى عمل المستشفيات، إذ أعلنت الشركات المستوردة للاجهزة والمستلزمات الطبية انها قد تضطرّ لوقف الاستيراد، بسبب عدم قدرتها على تأمين الدولار من المصارف ممّا سيؤدي الى تَخلّفها عن دفع مستحقاتها للشركات العالمية المصنّعة في الخارج، ما يؤدي إلى توقفها عن تسليمنا البضائع المطلوبة لتأمين احتياجات المستشفيات والمرضى، وعلى سبيل المثال لا الحصر: طاولات العمليات، أجهزة التنفس الاصطناعي، الادوات والخيوط الجراحية، الإبَر وأجهزة المختبر، الأشعة وأجهزة علاج السرطان، ماكينات التعقيم، راسور وبطارية القلب والصمام، ماكينات غسيل الكلى، مسامير جراحة العظام والمفاصل وكثير غيرها، بالاضافة الى كامل مستهلكاتها وقطع الغيار، علماً انّ لبنان يستورد 100 في المئة من هذه البضائع، ولا يوجد أي بديل محلي".
وفي السياق، حذّر نقيب اصحاب المستشفيات سليمان هارون من وضع دقيق تواجهه المستشفيات، بسبب عجزها عن دفع مستحقات مورّدي الادوية والمستلزمات الطبية. وقد يؤدي الأمر الى توقّف الشركات عن تسليم هذه المواد الحيوية الى المستشفيات.
وقال هارون لـ"الجمهورية": "انّ الأزمة في القطاع الصحي أصعب بكثير من أزمة المحروقات وأزمة الطحين والخبز وأكثر تعقيداً، لأننا نتحدث عن متأخرات مستحقات المستشفيات، والتي تجاوزت 2000 مليار ليرة، وهي الى ازدياد لأنّ وتيرة الدفع بطيئة جداً وهي أقل بكثير من وتيرة الفَوترة".
وأضاف: "تبلّغتُ من مستوردي الاجهزة الطبية توجّههم للتوَقّف التحذيري ليوم واحد عن تسليم المعدات والاجهزة الطبية، على ان يتخذوا خطوات تصعيدية تباعاً. وقد أبلغتهم ان ليس في مقدورنا الدفع، اذا لم تدفع لنا الدولة المستحقات المتوجبة عليها".
وكانت أزمة الرغيف قد جُمّدت بعد استقبال رئيس الحكومة وفد اتحاد نقابات المخابز والأفران، الذي أعلن تعليق الاضراب. وقال رئيس الاتحاد كاظم إبراهيم بعد اللقاء، ان الحريري "وَعدهم خيراً"، طالباً "48 ساعة لحلّ الموضوع على مسؤوليته".
المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع لبنان 360 بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك