
مع إقرار قرض البنك الدولي المخصّص لمساعدة العائلات اللبنانية الأكثر فقراً، ساد قلق لدى اللبنانيين من سوء استخدام الاموال من قِبل المنظومة السياسية، لتوزيع القسم الاكبر منها على المحسوبين والأزلام. فهل هذا القلق مُبرّر؟ ام انّ ما سيشهده البلد سيكون بمثابة التجربة الاولى لاعتماد الشفافية ووصول الأموال الى مستحقيها؟
اسئلة كثيرة تُطرح على هذا الصعيد، بفعل التجارب السيئة طيلة عقود، بعدما فاحت روائح الفساد والسرقات، وتعزّزت الزبائنية، فوقعت الكارثة واقترب لبنان من شفير الهاوية واللبنانيون من الإفلاس والمجاعة...ولم يكن ينقصهم الّا وباء كورونا.
وكان البنك الدولي أقرّ قرضاً بحوالى 250 مليون دولار سيُوزّع على حوالى 800 الف لبناني من الذين اصبحوا تحت خط الفقر، حيث ستحصل كل عائلة على 800 الف ليرة شهرياً.
وسيستفيد من هذا القرض ايضاً حوالى 90 الف تلميذ سيحصل كل منهم على ما بين مليون ونصف ومليوني ليرة سنوياً.
وسيُمنح لبنان فترة سماح لعامين وسيسدّد القرض طيلة 13 عاماً بفائدة 2%.
في السياق، يشير عضو اللجة التنفيذية في «حزب الكتلة الوطنية» النائب السابق روبير فاضل، الى أنّ « الأزمة المتفاقمة في لبنان رفعت معدل الفقر من 25% تقريباً عام 2013 الى اكثر من 50% اليوم، والى ازدياد الفقر المدقع حوالى ضعفين ونصف في الفترة نفسها، اي من 10% الى 25% .
ويقول: «قرض البنك الدولي مهم جداً، ويُظهر انّ العالم مهتم اكثر من المنظومة الحاكمة بالشعب اللبناني الذي يأخذونه الى الجوع».
وحسب فاضل، ستحيل الحكومة اللبنانية مشروع قانون بهذا القرض الى مجلس النواب وإقراره قانوناً.
وسيُحدّد سعر صرف الدولار الواحد في هذا القرض على اساس 6250 ليرة، بينما تُصرف المساعدات الاخرى في الوقت الراهن على سعر منصّة مصرف لبنان اي بـ3900 ليرة لكل دولار.
ويؤكّد فاضل انّ من الانسب تسديد المساعدات بالدولار نقداً، موضحاً انّ المعضلة تكمن في تحديد المستفيدين من القرض، وهو ما كان مشكلة المشاكل في كل الهبات والقروض.
وفي التفاصيل، انّه لدى كل من وزارة الشؤون الاجتماعية والجيش ووزارة الداخلية لوائح بالعائلات الاكثر فقراً.
وتفادياً للهدر والمحسوبيات والزبائنية، يقترح فاضل الاعتماد على برنامج العائلات الأكثر فقراً، التي ستوفر قاعدة بيانات شفافة وعلمية وموضوعية، «وهكذا سيسهل اختيار العائلات الاكثر حاجة، وبالتالي تحديد اكثر من يستحقون هذه المساعدات ومن يجب ان يستفيد منها».
ويشدّد على انّ ما سبق ذكره لن يتحقق الّا بتأكيد طرف ثالث على صحة البيانات وشفافيتها ودقتها (والمقصود هنا البنك الدولي).
ويلفت الى انّه اذا سلكت الامور هذا الدرب، فلن تستطيع المنظومة الحاكمة والاحزاب ان توظف قرض البنك الدولي في زبائنيتها بأي شكل من الاشكال.
ويوضح فاضل، انّ العائلات الأكثر فقراً ستستفيد من هذا القرض عاماً واحداً فقط، بما يفرض حتمية الإعداد لمشروع ثانٍ سيؤمّن استمرار هذه المساعدات.
ويشير فاضل الى انّ «حزب الكتلة الوطنية» أعدّ اقتراحاً لدعم اكثر من مليون و700 الف لبناني اصبحوا تحت خط الفقر اليوم، وهو ما يتطلب حوالى 450 مليون دولار سنوياً، وما يقضي بتقديم مساعدة تصل في حدّها الأقصى الى 800 الف ليرة شهرياً لكل عائلة، اضافة الى مساعدات الى حوالى 500 الف تلميذ، حيث ستؤمّن لكل منهم مساعدة بمليونين و500 الف ليرة سنوياً للحد من التسرّب المدرسي.
جدير بالذكر، انّ هذا الاقتراح يستند الى مشروع «أفعال» لمكافحة الفقر المدقع الذي تقدّم به فاضل عام 2016، لكن الكتل النيابية لم تقرّه قانوناً فاستقال إثر ذلك من البرلمان.
المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع لبنان 360 بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك