
بخلاصة هذا اليوم الطويل في القاعة التابعة لمجلس شورى الدولة نفّذت الإستنابة القضائية الأوروبية وصار الإستماع مطولاً الى أقوال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بصفة مستمع إليه في إطار جمع المعلومات وبخلاف إستجوابه كمشتبه فيه كما كانت طلبت تلك الإستنابة. وهو المخرج القانوني الصحيح باعتبار أن سلامة بات مدّعى عليه في الملف القضائي اللبناني العالق بحقه ولا يجوز استجوابه قانونا من القضاء الأجنبي قبل استجوابه من القضاء في بلده. وهو موضوع المذكرة التي كان تقدم بها وكيله المحامي حافظ زخور قبل أيام من موعد التحقيق المحلي مع موكله، باعتبار أن القانون اللبناني يتيح للمدعى عليه في المطلق، الإدلاء بدفاعه قبل حصول اول جلسة استجواب يُستدعى إليها من قاضي التحقيق. وهو حال سلامة، يشير قانونيون، الذي لم يتجاوز ملفه سقف تعيين أول جلسة إستجواب له من قاضي التحقيق الأول في بيروت القاضي شربل ابو سمرا وحضور الوفد القضائي الفرنسي في مقتبل التحقيق الإستنطاقي في هذا الملف المدعى به على الحاكم وشقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان حويك بجرم إثراء غير مشروع وتبييض أموال وتهرّب ضريبي وتزوير. فيما ترعى إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أولوية القانون المحلي، وتبعاً يحول دون اتخاذ أي إجراء من قضاء أجنبي على الأراضي اللبنانية كالإدعاء على سلامة او إصدار مذكرة توقيف بحقه، بخلاف ما أشيع بعد ظهر أمس بينما كان الإستماع اليه مستمرا ،عن إصدار مثل هذه المذكرة بحقه.
وبالنتيجة أخذ القاضي أبو سمرا بجانب من مذكرة وكيل الدفاع لجهة عدم استماع موكله كمشتبه فيه من قضاء أجنبي وتقرير سماعه بصفة مستمَع اليه، وذلك تحت سقف الاتفاقية الأممية وسيادة القانون اللبناني. وتوصف مصادر قانونية عبارة "المستمَع اليه" بأنها أقل من صفة شاهد.
في هذه الأجواء حضر حاكم مصرف لبنان إلى قصر العدل بمواكبة امنية من ثلاث سيارات "مفيّمة". سيارتان وسيارة جيب جميعها بلون أسود، وفي ظل حراسة أمنية بلباس مدني دخل سلامة الى مرأب قصر العدل المخصص لسيارات القضاة ومنه الى مجلس شورى الدولة في الطبقة الخامسة عبر المصعد بمواكبة عناصر أمنيين بلباس مدني. وبدخوله الى مكتب التحقيق بوشر الإستماع اليه قرابة العاشرة والنصف قبل الظهر من القاضي أبو سمرا في حضور الوفد الأجنبي. وهي اول إفادة يدلي بها سلامة امام قضاء اجنبي منذ فتح عدد من الملفات بحقه في اوروبا محورها تحويلات مالية عبر شركة شقيقه المدعى عليه رجا "فوري" مشكوك بتبييض أموال من خلال تحويلات مالية عبرها. ودام التحقيق مع الحاكم خمس ساعات ونصف ساعة في أجواء سادها الهدوء أجاب خلالها عن كل الأسئلة التي طرحها عليه القاضي أبو سمرا على مسمع الوفد الفرنسي ورئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر وثلاثة قضاة من مساعديها.
أما خارج مكتب التحقيق فتولى عدد قليل من عناصر الأمن مهمة حفظ الامن، وكُتبت على سترات البعض منهم " جهاز أمن الدولة"، بعدما كانت انتشرت سيارات لقوى الأمن الداخلي في باحة العدلية وفي محيطها غلب على ظاهرها اللباس المدني.
مضت الساعات وسلامة المعهود بقوته الصامتة تُرجمت في قاعة التحقيق. فهو حضر بلا محام، ولم يشأ حضور أيّ من وكلائه معه، وبادرهم، وفق اوساط في قصر العدل، "اريد ان أذهب بمفردي". وبحسب مَن عاينه أنه كان "مرتاحاً الى وضعه وصلباً" في الجلسة التي تواصلت بلا استراحة للغداء واستُقطعت مرتين لعشر دقائق على الأكثر في كل منها. واقتصر المأكل خلالهما على المعمول والبسكويت واحتساء القهوة والنسكافه ليتوالى طرح الأسئلة عليه، وكانت كثيرة، من القاضي أبو سمرا والتي أعدّتها القاضية الفرنسية اود بورزي وفريقها، واجاب عنها جميعها ولم يمتنع عن الرد على أي سؤال، بحسب ما تناهى، ومنها المتصلة بالتحويلات المالية واملاكه العينية مشيرا الى انها من ماله الخاص وأن لا علاقة لها بالمالية العامة في مصرف لبنان، واعتبر ان الحملة التي تطاوله أسبابها سياسية .
ورُفعت الجلسة قرابة الرابعة والدقيقة 15 بعد الظهر ليلتحق الحاكم باجتماع المجلس المركزي الذي كان مقررا الساعة الخامسة وجرى التداول به إعلاميا خلال النهار، على ان يتابع المحقق الأول الإستماع اليه في حضور الوفد القضائي الفرنسي والقاضية إسكندر ومساعديها والمترجمين والكتبة اللبنانيين والاجانب.
وسئلت مصادر قضائية على بيّنة بعد الجلسة عن الصفة التي حضر بها سلامة إليها إن كشاهد او كمشتبه فيه، فأجابت انه حضر "كمستمع إليه". وسئلت إن كان الوفد يريد الإستماع الى رجا سلامة، فأجابت ان هذا الأمر يتقرر بعد الإنتهاء من الإستماع الى إفادة حاكم مصرف لبنان.
المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع لبنان 360 بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك